خاص- لماذا لا تُعلن حالة الطوارئ في لبنان لمواجهة الكورونا؟

908

شفقنا-بيروت-
لم يذق لبنان حتى اللحظة طعم الراحة وكذلك الحكومة الجديدة، التي تواصل مواجهة الازمات أزمة بعد اخرى آملة بإنقاذ قارب هذا الوطن المتهالك والذي كثرت فيه الثقوب لتعبر به إلى بر الأمان. ومع وفود فايروس كورونا إلى لبنان وتزايد حالات الإصابة عمدت الحكومة لإعلان التعبئة العامة كحالة مواجهة أمام تفشي هذا الفايروس، فيما طالبها الكثيرون بضرورة إعلان حالة الطوارئ.

وفي هذا السياق وحول الجدوى من إمكانية إعلان حال الطوارئ في البلاد لفت المحلل والباحث السياسي حكمت شحرور إلى أن أي حالة تستوجب المناخ والظروف القاهرة الملائمة لها والتي تدعو إلى إطلاقها، مشيرا إلى أنه كانت هناك أفكار من بعض المسؤولين في لبنان تسعى لإعلان حالة الطوارئ، ولكن بعد تبيان المضامين المتعلقة بفرضها تبين أنه لا حاجة لإعلانها حتى اللحظة. مضيفا أنه ووفقا للمناخ السائد في لبنان وتطورات ملف فايروس كورونا “فأعتقد بأن ما جرى من إعلان التعبئة العامة المرفقة ببعض بنود قانون اعلان الطوارئ ساهم بتجنب فرضها حاليا.

وكما هو معلوم بأن اعلان حالة الطوارئ يرتب مسؤوليات وأعباء كبيرة على كاهل الدولة التي هي بالأصل مثقلة بمشاكل كثيرة، تتمثل بتأمين حاجات المواطنين الممنوعين من مغادرة منازلهم من المواد التموينية والغذائية اللازمة، وانطلاقا من هذا الواقع أكد شحرور أن الدولة اللبنانية عاجزة بشكل كبير عن القيام بنصف واجباتها، ناهيك عن حجز المصارف لأموال وودائع الناس التي باتت عاجزة حتى عن استحصال قوت يومها من المصارف لكي تعتاش. مضيفا “وبحكم التعبئة العامة المعلنة في البلاد فإن شرائح كبيرة جدا من المجتمع تضررت بشكل بالغ ولكن حملات التضامن والتكافل الإجتماع التي نشهدها تساهم بتخفيف من ثقل الأزمة على كاهل المواطنين، لكنها بطبيعة الحال لا تقوم بالواجب على اكمل وجه على كامل مساحة الوطن.

وبما أن لبنان مر بكثير من الظروف الصعبة في تاريخه ومنذ نشأته، فقد تعود اللبنانيون على التعايش مع هذه الظروف واجتيازها، ويؤكد شحرور في هذا الصدد على تفاؤله وإيمانه بأن الرعاية الإلهية تحيط بلبنان وأن الشعب اللبناني قادر على التكيف مع هذه الازمات واجتيازها، لكن الخطورة تكمن في حجم المقدرات الضئيلة الموجودة للمواجهة في هذا البلد. مضيفا أن الحكومة تبذل جهدها والمطلوب منها الكثير وقد تحقق القليل، لكنها بالتأكيد هي الحكومة الأفضل من بين الحكومات السابقة.

وتوجه شحرور للحكومة طالبا منها بث المزيد من الإيجابية على عملها، إضافة إلى ضرورة معالجتها لأزمة ودائع المواطنين المحجوزة في المصارف لأن نسبة كبيرة منها تعود لأبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة الذين هم الآن بأمس الحاجة ليس الى المساعدات التي تقدمها الدولة مع الاحترام لها، بل الى سحب جزء بسيط من اموالهم المحجوزة لكي تساعدهم على تجاوز هذه المرحلة.

الطوارئ… حرب
هذا ويحصر المرسوم الاشتراعي رقم 52 الصادر عن الرئيس الراحل شارل حلو في 5 آب 1967، إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية في جميع الأراضي اللبناني أو جزء منها “عند تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة”.

وباعتراف الحكومة ووزير الصحة، لم يتحوّل وباء كورونا بعد إلى كارثة. الموقف على حاله، وهو القائل بإنه “لا داعي للهلع” و”الوضع ليس كارثياً”. ولا تزال التطمينات تصدر يومياً عن الجهات الرسمية لتأكيد الاستمرار في الجهوزية والاستعداد لتولّي مسؤولية مواجهة الفيروس. وبحسب المرسوم نفسه، تأخذ حالة الطوارئ طابعاً أمنياً أكثر من أي طابع آخر. فمفهوم “الطوارئ” مرّ عليه الزمن في دولتنا، كأي أمر آخر. والبلاد معتادة أساساً على الحروب والخضّات الأمنية ولا الكوارث، ولو أنّ الحكومة (أياً كانت) أثبتت فشلها في التعاطي مع الكوارث، وكان آخرها مطلع تشرين الأول الماضي.

تكاليف عسكرية
وبناءً على المادة 65 من الدستور اللبناني، يحتاج إعلان حالة الطوارئ إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وفق البند 5 من المادة. ويكون النصاب القانوني في المجلس أكثرية ثلثي أعضائه، ويتّخذ قراراته توافقياً، وإذا تعذّر ذلك فبالتصويت ويتّخذ قراراته بأكثرية الحضور. أما إعلان الطوارئ، من بين ما يعنيه، تتولى السلطة العسكرية العليا (التي تندرج تحتها كل القوى المسلحة) صلاحية المحافظة على الأمن. يصبح للسلطة العسكرية الحق في جملة من الأمور، منها فرض التكاليف العسكرية بطريق المصادرة التي تشمل الأشخاص والحيوانات والأشياء والممتلكات، تحري المنازل في الليل والنهار، فرض الغرامات الإجمالية والجماعية، إبعاد المشبوهين، فرض الإقامة الجبرية، منع الاجتماعات المخلة بالأمن، منع تجول الأشخاص والسيارات في الأماكن وفي الأوقات التي تحدد بموجب قرار، منع النشرات المخلة بالأمن واتخاذ التدابير اللازمة لفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والنشرات المختلفة والإذاعات والتلفزيون والأفلام السينمائية والمسرحيات، وغيرها من المواد المتعلّقة بالأعمال الحربية والمناطق العسكرية وتسيير الجنود.

مهدي سعادي – شفقنا

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.