آسيا الوسطى مصدر أول أرز مزروع في العالم

615

شفقنا- بيروت-
يستخدم حوالي نصف سكان الأرض الأرز مصدرا غذاء رئيسيا لهم، لكن لا يزال منشأ الأرز المزروع وانتشاره وتطوره والتكيف الإيكولوجي للنبات من أهم القضايا التي تشغل علماء الآثار والأحياء والزراعة حاليا.

في الوقت الحاضر، لا نعرف سوى القليل جدا عن وقت وكيفية انتشار الأرز في غرب آسيا وأوروبا وأفريقيا، لكن مؤخرا أعلنت مجموعة لي شياو تشيانغ البحثية عن نتائج دراستها حول البقايا الزراعية في موقع خالشايان بأوزبكستان، والتي أماطت اللثام عن جزء مهم من تاريخ الأرز.

شارك في الدراسة فريق كبير من معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم، والأكاديمية الصينية للعلوم، كما شارك باحثون من كلية التراث الثقافي بجامعة نورثويست الصينية، ومعهد الآثار بأكاديمية أوزبكستان للعلوم، وقد نشرت نتائجها في دورية “ساينس شينا” لعلوم الأرض يوم 3 أبريل/نيسان الماضي.

تدجين الأرز المزروع
في السنوات الأخيرة، أظهرت دراسات علم النبات والأحياء الجزيئية أن الأرز المزروع تم تدجينه في منطقة اليانغتسي السفلى بالقرب من مدينة شنغهاي قبل 10 آلاف عام على الأقل، ثم انتشر إلى اليابان وجنوب شرق آسيا.

ومنذ حوالي 5 آلاف سنة، انتشر أرز الجابونيكا المزروع في جنوب آسيا، بعد أن تم تهجينه مع الأرز البري الأصلي، وشكل تدريجيا أرز الإنديكا الذي أصبح المحصول الرئيسي للأرز في جنوب آسيا اليوم.

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، تركزت الأبحاث حول أصل الأرز وانتشاره بشكل رئيسي في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا بصفة عامة.

وبالطبع لا يمكن تجاهل منطقة آسيا الوسطى، باعتبارها عقدة مهمة في طريق الحرير القديم، لأنها “مفترق طرق” الحضارة العالمية.

لذلك، فإن دراسة وقت ومكان ظهور الأرز في آسيا الوسطى يمكن أن يساعدنا على فهم عملية انتشار زراعته، وإضافة جزء مهم لأبحاث عولمة المحاصيل المبكرة.

نظام زراعة الواحة
ودرس الباحثون 11 موقعا على الضفة الشمالية لنهر آمو داريا، وهو نهر آسيوي عرف قديما باسم “أوكسوس”، ووجدوا أن الأرز المكربن لا يزال في موقع مدينة خالشايان في جنوب شرق أوزبكستان.

واستخدم الباحثون طريقة التعويم للحصول على كمية كبيرة من المواد النباتية من طبقة في الجزء الجنوبي الغربي من الموقع.

وباستخدام علم الآثار، وطريقة التسلسل الزمني، وغيرها من السجلات الأثرية المحلية، قدم الباحثون دليلا ماديا جديدا يظهر طريقة انتشار الأرز إلى غرب آسيا، وتبادل الحضارات الشرقية والغربية على طول طريق الحرير القديم.

وأظهرت نتائج التأريخ باستخدام مطياف الكتلة المعجل والكربون المشع، أن عمر الأرز المتبقي في الموقع هو 1714-1756 ق.ح، وهي فترة الإمبراطورية الكوشانية. وتعني (ق. ح): قبل الحاضر، أو قبل سنة 1950 للميلاد، وهي سنة اعتماد تقنية التأريخ بنظير الكربون.

أرز كوشان
وتظهر الدراسات أن بقايا الأرز المكربن تشبه أرز جابونيكا، وأنها تشبه البقايا الموجودة في بعض المواقع الأخرى في جنوب الصين وشمال غرب الهند خلال نفس الفترة.

وهذا يشير إلى أن الأرز انتشر في آسيا الوسطى من جنوب آسيا، وربما أدى التوسع الإمبراطوري إلى زيادة انتشار المحاصيل عبر آسيا الوسطى. لأنه عندما ظهر الأرز في آسيا الوسطى، أنشئت إمبراطورية كوشان بالفعل في شمال غرب الهند وغزت معظم أجزاء آسيا الوسطى وجنوب آسيا.

وقد يشير ظهور الأرز أيضا إلى بداية الاندماج التدريجي لثقافة النظام الغذائي القائم على الأرز مع النظام الغذائي المحلي القائم على القمح في آسيا الوسطى.

الجزيرة نت

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.