امرأة بريطانية تنصب موكب خدمة على طريق الزائرين: كربلاء جزء من الجنة

333

شفقنا-بيروت-
جاءت اكثر من مرة الى العراق، ولكن قلبها انشد بعفوية وتعلق بالحسين (عليه السلام) عندما دخلت الى مرقده الشريف وانبهرت اول مرة بالعمارة الاسلامية والبناء والشباك والذهب، لكنها عندما سألت عن صاحب المرقد وعرفته قصته ومصيبته ومأساة زينب (عليها السلام)، والاطفال انهمرت دموعها وبكت بحرقة وتعلقت بالحسين وقضيته واصبحت منشغلة بها وتحدثت الى صديقاتها ومعارفها بقصته، وجاءت الى كربلاء اكثر من مرة وكانت تسير وترى صورا من العشق الحسيني فتبكي بصمت ولكنها اعجبت ايما اعجاب بالمواكب والخدمة وما يقدمونه للسائرين على اقدامهم لعشرات او مئات الكيلومترات حبا بالحسين، وتقول في نفسها ما هذا الرجل العظيم الذي تأتيه الناس من سبع قارات وتتحمل كل هذا التعب والعناء والانفاق لتزوره، ولما علمت ان من يخدم زوار الحسين يسجل عنده في سجل الخدام، بكت واصرت على ان تنصب موكبا وتقدم اي شيء بسيط لهم وان تكون خادمة للحسين فتعلقت به واختارها خادمة لزواره انها البريطانية “آمنه”.

اول زيارة
تعمل “آمنه” في احدى الصيدليات في بريطانيا وهي حاصلة على شهادة جامعية ومثقفة تحدثت لوكالة نون الخبرية عن قصتها مع ابي عبد الله (عليه السلام) انها ” زارت العراق مرات عدة واطعلت على تاريخه وحضارته ومدنه، الا انها عندما زارت الامام الحسين (عليه السلام) لاول مرة قبل خمس سنوات وانبهرت بعمارة المرقد وبنائه والشباك والذهب والانارة اصبحت متعلقة به وكررت زيارتها في كل الاعوام باستثناء سنين انتشار وباء كورونا التي منع فيها السفر بين دول العالم، وتصف شعورها في اول مرة عند دخولها داخل المرقد الشريف بانها لا تقدر وصف مشاعرها وقتها فهي خليط من الدهشة والصدمة والفرح والانبهار ومنها اعتبرت ان مدينة كربلاء وضريح الامام الحسين (عليه السلام) هي جزء من الجنة، وتوضح انها لم ترى في حياتها مثل هذا المكان الذي ارتاحت فيه نفسها، وبالامس بكيت بحرقة عندما شاهدت مسير الزائرين وخاصة من الشباب ودعيت الله ان يحفظ ابنائي الثلاثة وهؤلاء الشباب الذين يمشون لانهم ايضا ابنائي، ومنذ دخولي الاول لمرقد ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) اردت ان اعرف قصته ومن هو ولماذا هذا التعلق به، وبحثت عن قصته ولكن اصدقاء من اهل السماوة جعلوني لاول مرة اشاهد المسير الى كربلاء المقدسة وكيف يخدم اصحاب المواكب برجالها ونسائها واطفالها وبناتها الزوار واعطوني شرحا مفصلا ووافيا عن الحسين (عليه السلام) وقصته وثورته وتضحياته واهدافه الانسانية فتعلقت به اكثر من السابق”.

التحول
ولازلت اتذكر كيف اصطحبوني الى الشارع وجاؤوا بي الى الحسين (عليه السلام) وبعد ان عرفت قصته تملكني الحزن ونوبة بكاء ومرارة على ظلمه وعياله واصحابه وبكت وهي تحدثنا وقالت من هنا تعلقت بحب الحسين (عليه السلام)، وبدأت اسئلة تتولد كثيرة في راسي واخذت تحدث المقربين والاصدقاء منها عن قصته، وبعد زيارات عدة الى العراق ومشاركتها في مسيرة الزائرين وشعورها بتعب وتضحية هؤلاء الناس، وقررت ان تخدم زوار الحسين (عليه السلام) بعد ان علمت ان من يخدمه له اجر عظيم ويسجل اسمه في سجل خدام الحسين واستعانت باصدقاء عراقيين من اهالي كربلاء لمساعدتها وبالفعل هبوا لمساعدتها هذا العام فوفروا لها مكانا في موكبهم على الطريق الرابط بين مدينتي كربلاء المقدسة والنجف الاشرف، وجلبت معها (سماور) والشاي والحليب والبسكت ووفروا لها اباريق للتقديم واصرت على تقديم تلك الوجبة بنكهة بريطانية والابتعاد عن الوجبات الدسمة التي تقدمها المواكب العراقية، وشعرت بالفخر والفرح والزهو وهي ترى الاقبال الكبيرة على موكبها الصغير وهي تقدم مئات الاقداح من الشاي والحليب والبسكت حتى نفذ ما قدمته وكانت تظن انه سيكفيها لايام اخرى وتجهزت لليوم الثاني وبدأت بتقديم الخدمة وتحملت ارتفاع درجات الحرارة في العراق والاجواء الصاخبة التي تتميز بها مسيرة الزائرين في الاربعينية، وقررت ان توسع الخدمة في العام المقبل وتدخل القهوة ضمن وجباتها، وعندما يعطف عليها الاصدقاء العراقيون ويطلبون منها الراحة ترد باصرار (NO IM NOT TIRED) انا لست تعابنة، ونامت بعد الخدمة في اليوم الاول ثلاث ساعات فقط ثم رجعت الى الخدمة”.

انفاق وتحمل
“آمنة” لم تأتي الى العراق بسهولة لانها اتفقت مع شركة سفر ودفعت مبلغ كبير لحجز مقعد في الطائرة المتجهة الى العراق واعلنت الشركة التي اتفقت معها افلاسها، ولم تستطع اعادت مبلغ الحجز ولاصرارها على المجيء دفعت مبلغ اخر كبير وحجزت مقعدا على رحلة اخرى وجاءت الى العراق واحجمت عن ذكر تكاليف سفرها او ما انفقته على موكبها لانها تريد الامر خالصا لوجه الله وكانت تفكر في كيفية الوصول الى كربلاء المقدسة فقط، ووجهت شكرها الى الشابين العراقيين مجتبى وسجاد الذين ساعداها بشكل منقطع النظير في موكبها وسكنها والسهر على راحتها وتلبية كل طلباتها، واتصلت وهي تخدم في موكبها باصدقائها ومعارفها عبر الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعي لتريهم ماذا تفعل الآن في كربلاء المقدسة ومسيرة الزائرين وتحمسوا لها وافتخروا بما تصنعه وتأثر الكثير منهم بها واصبحت اختها تدير موقعا متخصصا بالامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)”، مؤكدة انها ” تتألم كثيرا عندما ترى معاقين او شيوخ كبار بالسن او عجائز او اطفال رضع مع ذويهم يسيرون، وتأثرت كثيرا بهم وبكيت عليهم خاصة عندما يقولون انا تعبت من السير، وجلبت معها منشورات صغيرة لاصقة مكتوب فيها ادعية وآيات قرآنية ووزعتها على الزائرين، وبكت ونزلت دموعها على خديها وهي تقول ان كل قصة الحسين تبكيها لكن اكثر ما يبكيها هي مصيبة السيدة زينب (عليها السلام) وسبيها وسبي الاطفال والالم والتعب والضرب والجوع الذي تعرضوا له”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.