خاص- الدولار الجمركي وفوضى المنصات انهيار مستمر!!

156

شفقنا-بيروت-
ارتفع سعر الدولار الجمركي إلى 70 ألف ليرة لبنانية، ارتفاعا مفاجئا جاء عقب إرسال كتاب من وزارة المالية إلى رئاسة مجلس الوزراء، ليحصل الكتاب على موافقة الرئيس نجيب ميقاتي، فما هي أسباب القرار وأبرز نتائجه؟
وفي هذا السياق رأى الخبير الاقتصادي الدكتور عماد فران في حديث خاص ل ” شفقنا ” أن زيادة الدولار الجمركي كانت متوقعة، خاصة وأن مصرف لبنان اليوم ومن خلال قراراته الأخيرة كان واضحا أن هناك توجها عاما بالاتفاق مع السلطة التنفيذية على رفع الدولار الجمركي وسعر منصة صيرفة والقيام بعدة أمور أخرى تؤدي بنظر المسؤولين إلى تقليص الفارق بين السوق السوداء وسعر الدولار المتداول بالأطر الرسمية.
ولفت فران إلى أن الحكومة في لبنان لم ترفع الدولار بصورة حقيقية حتى الآن، بل تم اتخاذ إجراءات متعددة ومنها رفع الدولار الجمركي وصيرفة وبعض أسعار المعاملات الرسمية بهدف عدم دولرة رواتب الموظفين، مشيرا إلى أن كل الزيادات التي يتم منحها اليوم للموظفين هي على سبيل الإعانات الاجتماعية، وحتى يتمكنوا من تأمين التمويل دون طبع عملة جديدة وكي يدفعوا هذه المستحقات المتوجبة عليهم، من معاشات وحصص استشفائية وضمان اجتماعي وصحي تكبدت الخزانة المزيد من المدفوعات بالليرة اللبنانية، ولسد هذه الفجوة تم رفع الدولار الجمركي وزيادة سعر منصة صيرفة، التي من خلالها يتم تجفيف العملة اللبنانية الموجودة حتى لا يزيد الطلب على دولار السوق السوداء.
واعتبر فران أن هذه الإجراءات في الفترة الماضية كانت إجراءات صورية ولم تؤد إلى حلول مؤثرة، لافتا إلى أن الأزمة الاقتصادية تقوم على حلول حقيقية وليس على إجراءات نظرية، وما يجري اليوم هو عبارة عن تكتيكات محدودة، أي تتم تجربة خطوة معينة وبحال نجاحها يواصلون العمل بها، أما في حال فشلت فإنهم ينتقلون لتنفيذ خطوة أخرى.
وتابع فران : الحلول الاقتصادية والمالية في أي دولة لا تقوم إلا على استراتيجيات، ويجب أن تسير هذه الاستراتيجيات وفق مسار معين، يتم من خلاله معاجلة الأزمة الاقتصادية التي يجب أن تكون بصورة حقيقية مبنية على دراسة علمية واقعية لمسببات الأزمة، وتتضمن شرح الحالة بصدق وشفافية للمواطن، رغم أن المواطن اليوم من الصعب أن يصدق، لأنه مر بمساحة كبيرة جدا من اللاثقة مع السلطة الموجودة والمتولية لزمام الأمور وتدير الشأن المالي والنقدي والاقتصادي في البلد.
وأكد فران أنه من المتوقع ازدياد سعر الدولار الجمركي أكثر فأكثر نتيجة المسار الواضح الذي تنتهجه السلطة السياسية للمقاربة بين سعر الدولار الجمركي وسعر منصة صيرفة ودولار السوق السوداء، وهذه السياسة نظريا تستطيع الكثير من الدول اتباعها، ولكن إلى أي مدى يمتلك مصرف لبنان القدرة على التدخل بضخ العملة أو بيع الدولارات على سعر صيرفة؟ ما هو حجم الاحتياط المتبقي ؟ وما هو الوقت الذي تبقى لنا لاستنفاده من دون إيجاد إصلاحات حقيقية ضمن النظام السياسي والمالي والاقتصادي والإداري؟
وأضاف فران: هناك حاجة ضرورية لوضع خطة للتدخل الحقيقي وليس النظري عبر تعاميم يمكن أن تصدر بين ليلة وضحاها، ويمكن أن تلغى بيوم وليلة، وهذا ما شهدناه في الأشهر الماضية، فمثلا صدر تعميم من مصرف لبنان بالسماح للمواطنين من الاستفادة من صيرفة وفجأة توقف العمل بالتعميم، ما جعلنا لا نعلم من استفاد من كل مليارات الليرات المتداولة التي حصرت الاستفادة منها بمجموعة صغيرة، فيما صغار المودعين والموظفين في هذه الدولة، والذين هم من الطبقة الفقيرة أصلا، ما كانوا سيستفيدون بنفس مستوى استفادة هؤلاء، بل انحرموا من إجراء عمليات وحتى لو صغيرة على منصة صيرفة. مشيرا إلى أننا شهدنا في الأسابيع الماضية، وخلال فترة إغلاق المصارف، تواصل التداول على منصة صيرفة بشكل طبيعي دون تأثرها بهذا الإغلاق، فكان يتم التداول ب40 و50 و100 مليون دولار، هذه الأموال من كان يستفيد منها؟ وعلى أي أساس كانت تصرف؟ هل هذه هي الصورة الحقيقية عن حجم السوق؟ أو أن هناك شيئا وهميا لا يحصل ونحن لا نعلم به؟
وفي ظل ما تقدم، يتواصل الكباش المالي الحاصل في لبنان بين السلطة وحيتان المال، ومع تفاقم الأزمة والغلاء الفاحش في الأسعار، يبقى المواطن عاجزا عن تأمين لقمة العيش الكريمة، يقاتل باللحم الحي كي يضمن مستقبلا لأبنائه وعائلته، فيما ينعم تجار الأزمات والفاسدين بماله وحقوقه، فإلى أي حد قد يتحمل اللبنانيون غلاء الأسعار التي أصبحت تفوق الخيال؟

مهدي سعاديشفقنا

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.