خاص- هل سيحل التقارب الإيراني-السعودي عقد الخلاف في لبنان؟

1192
الباحث السياسي حسن الدر
خاص شفقنا- بيروت-
أحدث إعلان الاتفاق بين طهران والرياض صدمة مدوية لدى الرأي العام المحلي والدولي متسائلين عن الدوافع التي أدّت إلى ذلك، حيث تم التوصّل فيه على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد مباحثات جرت في الصين برغبة كلّ من طهران والرياض في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية، فما هي أسباب هذا التقارب المفاجئ؟ وكيف سينعكس على لبنان؟

  اعتبر الباحث السياسي حسن الدر، في حديث خاص مع وكالة “شفقنا”، أنّ هذا الاتفاق حصل بين دولتين ما يجمعهما أكثر بكثير ممّا يفرّقهما، ويعد مفاجئا بتوقيته حيث كان يعمل عليه بصمت، وهو أكبر دليل على تغيّر السياسة الدولية وتغيّر موازين القوى في العالم، الأمر الذي تطمح إليه كلّ من الصين وروسيا وايران، ألا وهو تعدّد الأقطاب بدل الأحادية القطبية الأميركية، قائلا: “لهذه الدرجة سينعكس هذا الاتفاق على شكل السياسات الدولية، طبعا في حال تم ولم يتعرّض لعملية تخريب من قبل جهات غربية، كما يسجّل هذا الاتفاق للسعودية على أنّه خطوة إيجابية جريئة”.

ما هو الدور الذي تلعبه الصين اليوم في المنطقة؟

  وكان لافتا رعاية الصين للتقارب الإيراني – السعودي حيث تمكّنت من إحداث خرق، فعلّق الدر على هذا الدور قائلا: “بعد أن عملت جهات غربية على تغذية الفتنة بين الدولتين والعمل على مدى 20 عاما على الأقل بإقناع العرب بأنّ العدو هو إيران وليس إسرائيل، عبر ضخ كميات كبيرة من الأموال والإعلام والسياسة وغيرها، دخلت الصين على الخط وخلال أشهر استطاعت خلق تقارب بين الدولتين”، مشيرا إلى بروز الصين في السنوات الأخيرة كقوة اقتصادية ضخمة سبقت الولايات المتحدة الاميركية، واليوم يبرز دورها الدبلوماسي وهي معروفة بسياساتها الخارجية لناحية عدم التدخل في شؤون الدول، وتتحدّث دائما عن وحدة الأراضي وحق الشعوب بتقرير المصير”.

  وتابع الباحث السياسي: “الصين تبرز اليوم كلاعب أساسي على الساحة الدولية وخاصة بمنطقة الخليج العربي المحسوب على الغرب، ويبدو أنّها تخطّت الموضوع الاقتصادي بأن تكون قوّة اقتصادية وأصبح التركيز على دور أبعد يتعلّق بالدبلوماسية الناعمة والهادئة والتي تحترم خصوصيات الشعوب والدول وتبني عليها، ولا ننسى مشروع “حزام الطريق” الذي كان يدعى قديما بـ”طريق الحرير”، ويجب التذكير بأنّ إيران والسعودية هما من أكبر المصدّرين للنفط في العالم والصين هي من أكبر المستوردين له، إضافة إلى وجود المعابر والمضائق المهمّة في هذه المنطقة للحركة التجارية، ولكن يبقى هناك تخوّف من أن تعمد إسرائيل وأميركا إلى إيقاف هذا التقارب لأن خطوة السعودية تعد تاريخية وجريئة جدا”.

انعكاس هذا الإتفاق على الداخل اللبناني

  بعد الإعلان عن الإتفاق تساءل الكثيرون عن المشهد اللبناني واستحقاقاته فهل سيطرأ جديد مفاجئ أم لا؟ فأجاب الدر: “عناوين الاشتباك بين الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية هي في 4 ساحات: اليمن، العراق، سوريا، ولبنان، وخلال فترة الشهرين التي أعطيت لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية ستتفكّك العقد واحدة تلو الأخرى في كل أماكن الاشتباك، وفي لبنان العقدة الأكبر أمام كل الحلول هي انتخاب رئيس للجمهورية، لذا لا شك بأنّ الحل سيبدأ من هناك، ونحن أقرب من أي وقت مضى إلى ملء الفراغ الرئاسي، حيث أصبح الكلام يغمره الأمل والتفاؤل”.

  وكقراءة أولية رأى الدر أنّ حظوظ المرشح الثنائي “سليمان فرنجية” هي الأوفر، ففي النهاية لبنان بلد التسويات، ويعتبر البعض أنّ اسم فرنجية طرح على أساس مرشّح توافقي، وعلاقته جيدة مع دول الخليج العربي وسوريا وكل المكوّنات العربية، وهو ليس عدائيا بطبعه ويشبه التسوية التي تتركّب حاليّا، لافتا إلى أنّ الأفق للعملية السياسية كان قبل الإعلان عن الاتفاق مسدودا وبمجرّد الإعلان عنه تغيّرت لهجة الخطاب وانعكس إيجابا على الجميع، وأضاف: “إذا تم الاتفاق دون تدخّلات خارجية معاكسة، سنشهد مرحلة شبيهة بمرحلة عام 1975 بعد انتهاء الحرب الأهلية والبدء بالعمل باتفاق الطائف، ستكون مرحلة سياسية جديدة للبنان لأنّه منذ عام 2005 التي تلت اغتيال الشهيد رفيق الحريري، يعيش لبنان حروب متنوّعة من تفجيرات واغتيالات وحروب اسرائيلية وتكفيرية وآخرها الاقتصادية التي هي آخر فصل من فصول المواجهة، وبعد فشل المحاولات ذهبت الأطراف نحو الاتفاق وبقناعة بأنّه لا بد من حصول تسويات”.

  رحّبت العديد من الدول بهذا التقارب حيث رأت فيه متنفّس للمنطقة بعدما بقيت لأعوام على صفيح ساخن، وبعد المعاناة المريرة التي يعيشها اللبناني يجد في هذا الأمر إذا ما اكتمل بصيص أمل تنفرج معه الأمور في المستقبل، كي يعود لبنان وطن يؤمّن معيشة لائقة لجميع مواطنيه دون استثناء.

وفاء حريري  شفقنا

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.