خاص- حالات الانتحار تتصاعد ولا رهان على مؤسسات الدولة!

822

شفقنا-بيروت-
تستمر الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان بإرخاء ظلالها الثقلية على اللبنانيين، الذين تقطّعت بهم سبل الحياة وضاقت بهم الأوضاع المعيشية، حتى باتت أكبر أماني الكثيرين منهم تأمين قوت يومهم، مما دفع بالبعض ممن فقدوا الأمل إلى الإقدام على الانتحار وإنهاء حياتهم هربًا من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها.
وفي هذا السياق يشير الباحث في علم النفس محمد بدرا في حديث خاص لوكالة “شفقنا” إلى أن تقدير نسبة حالات الانتحار يحتاج لدراسة، ففي سنوات سابقة كانت معدلات الانتحار مقارنة بعدد القاطنين والمقمين على الأراضي اللبنانية أعلى بكثير، مؤكدا أن الذي اختلف اليوم هو طريقة تغطيتنا لحادثة الانتحار ما يدفعنا للتساؤل عن مدى مساهمة وسائل الإعلام بالتوعية من مخاطر الانتحار أو زيادة أعداد المنتحرين.
وتابع بدرا: لا يجب تصدير أخبار عن نسب الاتحار المرتفعة، بل على العكس، إذا كنا نهتم بهذا المجتمع فيهمنا نشر أخبار عن أن نسب الانتحار منخفضة، فالمنتحر عندما يشعر بأنه ينتمي إلى جماعة كبيرة، يتشجع للإقدام على فعلته، مشيرا إلى أنه في اليابان مثلا، نسب الانتحار مرتفعة جدا، لدرجة أن المنتحرين يقدمون على فعلتهم من على جسر محدد، فلذلك عندما يشعر هذا الفرد بانتمائه لجماعة كبيرة يتشجّع على الإنتحار.

بالتأكيد إن حياة الإنسان عزيزة عليه، خاصة إذا ما كان يملك الإرادة القوية والعزم على مجابهة كل معتركات الحياة، ولكن أن تصل الأمور بهذا الفرد ليقرر إنهاء حياته، فحتما هناك مبررات وأسباب دفعته لذلك، بمعزل عن ما إذا كانت هذه المبررات مقبولة أو لا، وحول الأسباب التي قد تدفع الشخص للإنتحار، وصف بدرا الأمر بالأرجوحة، حيث تتأرجح حياة الإنسان النفسية بين الموت والحياة، فهناك من يذهب بحياته نحو الحد الأقصى من الفرح والانفتاح والأمل، بينما هناك آخرين، يأخذون حياتهم باتجاه الحد الأقصى من الحزن وفقدان الأمل واليأس، وذلك نتيجة الأعباء التي يتحملونها، وأضاف بدرا: “تخيّل أن هناك ميزانا، تضع فيه كل مرة عبئًا إضافيًّا، فالبتأكيد لا يوجد سبب واحد لكي يأخذ الإنسان قرارا بالانتحار، بل هناك مجموعة أسباب، وما هو بالنسبة لنا سبب أو أمر تافه هو بالنسبة للآخرين قد يكون معاناة يجب احترامها، فهم لا يرون الأشياء من نفس المنظار الذي نراها فيه نحن المقبلون على الحياة ولدينا بعض الأمل.
ولفت بدرا إلى أن علاج هذه الآفة يكون من خلال الجمعيات ووزارة الشؤون الاجتماعة ووزارة الصحة، التي يجب أن تتواصل مع كل من حاول الانتحار أو فكر ولو لمرة بهذا العمل، داعيا كل من تبادر إلى ذهنه فكرة الانتحار استشارة أخصائيين نفسيين ليتم متابعة حالته.
وأضاف بدرا: تحميل الحكومة ومؤسسات الدولة دورا في مواجهة هذه الظاهرة يزيد الطين بلة، فاليوم هناك أفراد يعانون من ظاهرة اجتماعية معينة، واكبها الإعلام وضخمها، كيف يمكن الطلب من الدولة معالجتها، فالدولة لا يمكنها فعل شيء في هذا الخصوص، والطلب منها يشبه ذهاب مريض لديه كسرا إلى نجار ليعالج كسره، لذلك لا رهان على مؤسسات الدولة لا الاجتماعية ولا غيرها. مؤكدا أن شبكة الحماية الأساسية هي العائلة، التي يجب أن يقوي أفرداها روابط الصلة فيما بينهم، ويجب أن يصبح هناك وعي تجاه هذا السلوك والتنبيه منه، وعدم إغلاق الأبواب في وجه بعضهم البعض، داعيا المؤسسة الدينية إلى احتواء هؤلاء الأفراد وعدم جلدهم، ويجب عليها أن تتفهم البعد النفسي والإجتماعي للأشخاص الذين يحاولون الانتحار
قال الله تعالى في آية الأنعام:” ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون “(الأنعام، الآية: 151)، وانطلاقا مما تقدم، تزداد الحاجة إلى نشر الوعي اليوم أكثر من أي زمن مضى، فما يمر به اللبنانيون بات يفوت طاقتهم على تحمله، وفيما يكافح البعض منهم للصمود، يتهاوى البعض الآخر أمام شدائد هذه الحياة التي انقلبت رأسا على عقب، ولكن الأكيد حتما، هو ضرورة التمسك بالأمل وعدم فقدانه، والكفاح ولو باللحم الحي لمواجهة كل هذه التحديات، وعدم الهروب منها وانهاء حياتنا بسبب ضعف هنا أو تخبط وخسائر هناك.

مهدي سعادي شفقنا 

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.