خاص- ما هي آثار وفضائل صلة الرحم خاصة في شهر رمضان المبارك؟

542

خاص شفقنا-بيروت-
شهر رمضان المبارك، هو شهر الضيافة في رحاب الله، الذي فتح أبواب سمائه للطائعين والعابدين والركعين والساجدين، وأغلق أبواب نيرانه معلنا للخلق أن هناك فرصة للتوبة والعودة عن الذنوب وترك المعاصي، ومن جملة ما بوسع الإنسان فعله في هذا الشهر الكريم هو وصل رحمه، وما لهذه الفضيلة من آثار وانعكاسات تعود بالأجر والفائدة على هذا الإنسان.
ومع حلول شهر رمضان، يشير الشيخ حسين نجدي في حديث لوكالة ” شفقنا ” إلى أنه ينبغي التركيز على الأمور المعنوية والصفات الأخلاقية، والتي تعتبر الهدف الرئيسي والعلة الرئيسية وراء تشريع فريضة الصوم المقدسة، ومن جملة تلك الأمور التي حث الإسلام عليها، وشدد عليها رسول الله “ص” في خطبته الشهيرة في استقبال شهر رمضان المبارك، هي صلة الرحم، لما لهذه الفريضة من آثار عظيمة، ونتائج كبيرة على المجتمع بأسره، مؤكدا أن من أهم تلك الآثار أنها تحوّل المجتمع إلى روح واحدة، فإذا كانت كل عائلة متماسكة فيما بينها على مستوى صلة الرحم، فإن هذا يعود على المجتمع بأسره بالنفع والفائدة.
وتابع الشيخ نجدي: صلة الرحم هي من الواجبات القليلة التي نتائجها في الدنيا قبل الآخرة، فمعلوم بأن بعض الفرائض لا يلمس الإنسان أثرها ولا يجازى عليها إلا في الآخرة، أما صلة الرحم، فهي من الفرائض التي يعجّل أجرها وثوابها وتظهر نتائجها قبل يوم القيامة، ومن تلك الآثار أنها تطيل في العمر، وتزيد في الرزق، وتدفع ميتة السوء، وتنفي المصائب، وتجعل الإنسان يعيش الطمأنينة ويعيش السعادة، فيما قطع الرحم يعود على الإنسان بنقص العمر والرزق، وتراكم المصائب، وتهديد المجتمع ككل، لأن تفكك الأسر والعائلات يفكك المجتمع ويعرضه لخطر الانهيار، وهذا ما تعاني منه اليوم المجتمعات الغربية.
وعلى صعيد الآثار التي تنعكس على الإنسان في الآخرة، فيقول الشيخ نجدي: “يكفي بأن صلة الرحم هي من الأمور التي تحضر مع الإنسان في قبره، ففي الحديث عن الإمام الصادق” ع “، وهو بشارة لنا جميعا، يقول: إذا مات العبد المؤمن دخل معه في قبره ست صور، فتقف صورة عن يمينه وأخرى عن يساره وأخرى بين يديه، وأخرى خلفه، وأخرى عند رجليه، وتقف التي هي أحسنهن فوق رأسه، فتلتفت هذه الصور الست إلى بعضها البعض، وتسأل كل واحدة الأخرى من أنت؟ فتقول التي عن يمينه أنا الصلاة، وتقول التي عن شماله أنا الصوم، وتقول التي عند رأسه أنا الحج، وتقول التي عند رجليه أنا الزكاة، والتي فوقه تقول أنا بر من وصلة، يعني أنا صلة الرحم وبر الوالدين، فمن هنا من الضروري المواظبة على صلة الرحم، وحتى ورد عندنا في الروايات والأحاديث الحث على أن يصل الإنسان أرحامه حتى لو قطعوه، وعلى أن يبقي همزة الوصل بينه وبينهم حتى لو لم يكونوا ممن يزورنه، فعليه أن يبادر، لأنه بذلك قد يحثّهم على أنّ يفعلوا الشيء نفسه.
ويمر لبنان اليوم بأزمة قد تكون الأسوأ في تاريخه، وهذه الأزمة تؤكد بأننا “بحاجة ماسّة لتعزيز صلة الرحم، فعلى الأقارب أن يتزاوروا فيما بينهم، وأن يطمئنّوا على بعضهم البعض، وأن يحاول الغني منهم مساعدة الفقير، وأن يساعد الميسور منهم من هو بحاجة”، ويضيف الشيخ نجدي: “إذا كان المؤمنون كما يقول النبي” ص “: المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم “، فكيف بالحال إذا كان هناك رحميّة بين هؤلاء المؤمنين، هذا مما يضاعف الواجب ويؤكّد الحاجة إلى هذا التكتّل والتزاور والتآلف وذلك الانسجام، خاصّة في ظل ما يمر علينا من أزمات اقتصادية صعبة.
وأشار الشيخ نجدي إلى أنّه إذا تآزرت كل عائلة فيما بينها، فإن هذا ينهض بالمجتمع ككل، على قاعدة لا تستحي من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه، وخاصة في شهر الله، شهر الجود والكرم والبذل والخير والعطاء، فإن هذا يعزز وحدة المجتمع، ويكون فعلا المجتمع الذي يريده الله والذي يرضاه ويبارك فيه، والذي هو المصداق الأكمل لقوله تعالى” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر “، وليس هناك معروف أعظم من صلة الرحم.
لا شك بأنّ سعي الإنسان لاغتنام الفرصة في هذا الشهر الفضيل لا يجب أنّ يكون محدودا، فالمواظبة على كل ما يستطيع المواظبة عليه من واجبات ومستحبات، هو الإحياء الأمثل والأتم لهذا الشهر المبارك، فهذا الشهر هو فرصة للرحمة وأي رحمة أكبر من التسامح وصلة الأرحام ومساندتهم في ما يمرّون به من أزمة وابتلاءات مادية ومعنوية.

مهدي سعاديشفقنا

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.