نقابة محرري الصحافة نظمت ندوة تحت عنوان “أزمة الصحافة وواقع الصحافيين”

32

شفقنا-بيروت-
نظمت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، في مقرها في الحازمية، ندوة بعنوان “أزمة الصحافة وواقع الصحافيين”، لمناسبة ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، شارك فيها الوزيران في حكومة تصريف الاعمال، الإعلام زياد المكاري والشباب والرياضة جورج كلاس، حيث جرى الحديث عن دور كليات الاعلام في مواكبة تطور وسائل الاعلام ومستقبل الخريجين.

وأدار الندوة نائب نقيب المحررين صلاح تقي الدين، وحضرها حشد من الزملاء الإعلاميين تقدمهم المستشار الرئاسي مدير مكتب الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا.

واستهلت الندوة بالوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء الصحافة وبالنشيد الوطني، ثم ألقى مدير الندوة تقي الدين حيث ذكر أنّ “أزمة الصحافة اللبنانية وواقع الصحافيين، أصبح يشكل هاجسا لدى مزاولي هذه المهنة، وهي أزمة تتصل بالتطور الكبير والخطير الذي طرأ منذ بروز التحولات الكبرى في هذا القطاع، حين بات للتلفزيون قدرة على التسلل إلى المنازل وأصبحت الاذاعات رفيقا دائما في السيارة والمنزل. لكن الاعلام المرئي والمسموع أصبح في مواجهة واقع جديد مع الحضارة الرقمية، وغزو المواقع الالكترونية للفضاء الاعلامي”.

ثم ألقى الوزير المكاري كلمة قال فيها: “أزمة الصحافة وواقع الصحافيين، عنوان واسع وفضفاض يصعب علينا أن نفيه حقه في جلسة أو كلمة أو ندوة. فالأزمة عميقة وحادة ووجودية، وهذا ليس خافيا على أحد، أقله في السنوات الأخيرة حيث لا تموت أزمة إلا بولادة أختها. أما واقع الصحافيين فهو انعكاس لأزمة مهنتهم في بلد مأزوم أصلا على كل الصعد وبكل المقاييس. فكيف إذا كانت الصحافة أساسا تأريخا للحظة وبحثا عن المتاعب، وما أكثرها؟”.

وأوضح أنّ “أزمة الصحافة مالية أولا، في مهنة تراجعت فيها سوق الإعلانات حتى الشح، وتقلص فيها بيع الصحف والمجلات بعد الانفلاش الرقمي والإلكتروني. والأزمة مهنية ثانيا، نلمسها يوميا، من حيث مقاربة أكثر من ملف، وصولا إلى المعالجة واستنتاج الخلاصات، حيث نرى بعض الصحافة- ولا نعمم هنا- تجنح إلى التسرع والخفة حتى الارتجال، في التعامل مع الكثير من مواضيع الساعة، طلبا للrating ربما، أو طمعا بالسبق الصحافي، أو ادعاء لكشف ما لم يكشفه أحد بعد، وكل ذلك على حساب الصدقية والموضوعية والأصول المهنية”.

وأكد أنّ “وزارة الاعلام لم تقصر في مناصرة الصحافيين ومتابعة حقوقهم والانتصار لهم، ولن توفر جهدا في سبيل الذود عن مهنتهم النبيلة، سواء بمواكبة التشريعات الضامنة لحقوقهم وشؤونهم، أو بمتابعة حثيثة لكل ما من شأنه مساعدتهم على تخطي أوضاع صعبة قد تفرضها ظروف مالية أو سياسية أو إدارية”.

واضاف: “في ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، دعونا نتأمل في الصورة المشرقة والبهية تاريخيا لصحافتنا وصحافيينا، فنستمد منها المثل والمثال، من حيث الاداء المهني والأخلاقيات الإعلامية والثقافة الواسعة والفكر الحر النير. وإذا كان بعض أهل الصحافة الجدد يميل أحيانا إلى تسرع أو يجنح إلى خفة، فنحن هنا لنقول له تمهل، وراءك تاريخ ناصع خطه صحافيون أوائل، يجدر بنا أن نبني عليه ونعلي البنيان”.

ورأى المكاري ان “المشكلة ليست في المهنة اطلاقا، ولم تكن كذلك يوما. قد تكون في بعض التشريعات، ونحن نسعى ليلا ونهارا إلى تحديثها، وقد تكون في بعض الممارسات الخاطئة والمتهورة، ونسعى إلى تصحيحها، وقد تكون في الأوضاع المالية العامة، وهذا ما لن يدوم إلى الأبد”.

وقال: “ولا بد لي ونحن في نقابة محرري الصحافة اللبنانية الاعلان عن أننا نعمل على قانون إعلام جديد ووضعنا ملاحظات وزارة الإعلام عليه بالتنسيق مع خبير من اليونسكو، لأن يكون لدينا قانون إعلام عصري وقريب من المعايير الدولية. في لبنان إنقسامات سياسية حول السيادة، لا يجوز كصحافة لبنانية وإعلام لبناني الا يكون لدينا قانون إعلامي ينقذنا من الفوضى التي نعيش فيها. وأنا كوزير للإعلام أشعر بهذه الفوضى والمشاكل. ولكن الحرية في لبنان مصانة على الرغم من أن هناك من يقول أنها ليست مصونة. وهذه الفوضى هي بسبب الوضع المأزوم في لبنان”.

من جهته، أوضح الوزير كلاس أنّ “وجدانيا والتزاما بشرف القضية، تحيةٌ إلى كل إعلامية وإعلامي إستشهدوا، ليشهدوا ويحولوا المجهولات إلى معلومات … أرفع المقامات عزا، أن تنتدي مع ماسك القلم والضابط الحلق، وتتشرف بالتشارك مع وزير صديق عتيق أحفظ فضل ثقته بالقلب”.

وذكر انّ “في كل مرة يطرح الإعلام، بأنواعه وفنونه، كفعل ودور وتأثير، وما إذا لا يزال (سلطة ذات سيادة) على منصات التقويم، يحضرني سؤال السمعة والحرية، ومن يهتم بحماية دور هذه السلطة، وإبعادها عن الفساد والإفساد، ويمنعها من الخروج عن ممارسة مسؤولياتها وأخلاقياتها؟ وهل من مصلحة عامة فعلا أن تكون الصحافة سلطة كيانية، وهل من يهاب كيانية الحرية، ويخاف منها على مكتسباته من الفوضى، في ظل إستقالة المثقف من دوره في النقد والتقويم والإعتراض؟ وهل فعلا تمارس وسائل الإعلام الديمقراطية وتوفرها، في صناعة الخبر، وإنتاج الرأي الخاص الذي يملك الرأي العام، بالإرث أو يستملكه بالقوة، أو يستأيده بالإقناع؟”.

وأشار كلاس إلى أنّه “وحماية لمفهوم الصحافة والإعلام، وتحصينا لدور العاملين في المؤسسات النظامية، وتأكيدا لقيمة الحصانة المهنية التي يجب أن يتحصن بها الصحافيون والإعلاميون النظاميون، وحفاظا على الكيانية النقابية والمهنية للإعلامي، فإنني أدعو إلى التمييز قانونا ولفظا ومعنى، بين تسميات الصحافي، والإعلامي، والتفريق بينهما وبين المدون، والمغرد، وكتاب المواقع، ورواد وسائل التواصل الاجتماعي والفصل بين التوصيفات التي تحكم عملهم، مع إحترام كامل لحرية ورأي كل شخص. إن تحصين دور الإعلامي في مجتمع إنمزج فيه الحق بالحرية بديمقراطية الفوضى، يكون بالتركيز على أن حرية التعبير، ترتبط بنيويا بتوفير حرية التفكير من دون إسقاطات وتوزيع ألقاب وصفات، لتوفير حمايات والإغراق بحصانات إفتراضية. والحريتان تتلازمان وتنسلان جذريا من الحرية التي توفرها المؤسسة للإعلامي”.

وفي ختام الندوة قدم النقيب القصيفي مداخلة جاء فيها: “أزمة الصحافة اللبنانية وواقع الصحافيين، موضوع يطرح نفسه بقوة في المجتمع الاعلامي. وهي أزمة تتصل بالتطور الكبير والخطير الذي طرأ على المهنة مع بروز التحولات الكبرى في هذا القطاع منذ أن بدأت المحطات التلفزيونية والاذاعية تشق طريقها بثبات، محدثة تغييرا نوعيا في المشهد بعدما حول البث الفضائي العالم إلى قرية كونية مقربا المسافات، حيث بات للتلفزيون قدرة على التسلل إلى المنازل والمخادع قبل أن يدخل إليها من الباب العريض. لكن الاعلام المرئي والمسموع أصبح في مواجهة واقع جديد مع الحضارة الرقمية، وغزو المواقع الالكترونية الفضاء الاعلامي”.

وذكر أنّ “الصحافة كدور، ومهنة لم تتبدل، إنما وسائل الإعلام هي التي تغيرت، بعدما تنوعت، وغدت تفرض ايقاعا جديدا على المهنة والعاملين فيها. وبطبيعة الحال، فإن الصحافة الورقية كانت الشهيدة الأولى لهذا التطور، ونراها في تراجع كبير، وضمور يقارب الاضمحلال. والصحافة في لبنان بمعناها التقليدي الذي الفناه تحتضر، وفي كل فترة نشهد إغلاق صحيفة، أو على الاقل تناقصا في قدراتها وامكاناتها وقابليتها للحياة، وعجزا عن توفير المحتوى النوعي، والعيش اللائق للعاملين فيها. وإن الصحافة الورقية في لبنان، كما في كل أنحاء العالم، هي حافظة لتراث الأمة وذاكرتها وسجل وقوعاتها، ومنبر لافكار المبدعين في كل المجالات”.

وأشار القصيفي إلى أنّ “الصحافة هي التي كتبت المسودة الأولى للتاريخ، وتؤرخ اللحظة وتوثقها. ومن هنا تبرز مسؤولية الدولة في مساعدتها على جبه التحديات التي ترزح تحت ثقلها، وأن تؤمن اسباب استمرارها. وهذا ما تفعله دول عدة في العالم إحتراما لتاريخها ودورها. وعلى المعنيين بقطاع الصحافة والاعلام العمل مع الدولة لإيجاد آليات تنقذ هذا القطاع، وصوغ استراتيجيات تجعل منه قطاعا منتجا وربطه بالدورة الاقتصادية. خصوصا بعدما تهاوى القطاع الاعلاني، وتوقف الدعم المالي الخارجي الذي كان يرفده بمقومات البقاء. وهناك تجارب رائدة في الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا يمكن الإفادة منها، ومن بينها انشاء روابط دعم تمول الصحف والمجلات من جمهورها من دون التدخل في خطها التحريري ومنهج عملها”.

وقال: “لا شك أن الذكاء الاصطناعي وجه ضربة موجعة إلى الصحافة وسائر وسائل ألاعلام، ولكن يبقى للانسان دور محوري في استنقاذ المهنة، وفتح آفاق جديدة أمامها لكي تستمر. وسبق لنقابة محرري الصحافة اللبنانية التي استشعرت منذ العام 2010 الخطر الداهم الذي ينتظر الصحافة، أن قدمت حزمة من الاقتراحات لتخفيف الاعباء والمصروفات عن المؤسسات الصحافية والاعلامية بنسبة 45 في المائة، وهي تتعلق باعفاء الورق والحبر، وآلات الطباعة وقطع الغيار من الرسوم الجمركية. كما اعفاؤها من رسوم الشحن والنقل والهاتف والماء والكهرباء، والضمان والضرائب المختلفة، واستحداث طابع أميري باسم الصحافة تجبى عائداته لصالح المؤسسات الصحافية والاعلامية والصحافيين وتودع في صندوق مشترك، على أن تحدد آليات صرف المبالغ وفق نظام خاص بالصندوق”.

واعلن أنّ “واقع الصحافيين اليوم في ظل توقف العديد من المؤسسات الكبرى، والمقتدرة، هو واقع مغرق في بؤسه في ظل الرواتب الهزيلة نسبيا التي يتقاضونها، وانحسار الضمانات والقديمات الاجتماعية والصحية إلى الحدود الدنيا، وعدم وجود عقد عمل جماعي بين أصحاب المؤسسات والعاملين فيها، ما يضطر هؤلاء إلى ممارسة مهن أخرى إلى جانب مهنتهم الأساسية. والأهم من ذلك أن الضغط والاغراء يحاصران هؤلاء ويمنعانهم من القيام بمهماتهم وممارسة قناعاتهم دون عوائق”.

وقال: “على مشروع قانون الاعلام الجديد الذي يجري بحثه في لجنة الإدارة والعدل وتشارك نقابة محرري الصحافة اللبنانية في الاجتماعات الخاصة به، ألا ينحصر هدفه ببت الجانب التقني منه كاطلاق التراخيص ومنحها، وتحصين الحرية الصحافية والاعلامية، وإلغاء محكمة المطبوعات، وإنشاء مرجعية جديدة للاعلام، ووضع مدونة سلوك، وإلغاء عقوبة الحبس كليا -على أهمية هذه الأمور- بل يتعين عليه ان يفتح الباب أمام مقاربة نوعية مختلفة، باعتماد توصيف مهني يحمي العاملين في المهنة، ويعدل في مناهج كليات الاعلام لجهة تنويع الاختصاصات، وينقل القطاع من حالة العالة والتسول إلى حالة إنتاجية تكون جزءا من دورة الاقتصاد الوطني. كذلك ينبغي أن يشهد الاعلام الرسمي تغييرا جذريا ليصبح اعلاما عموميا لا تعوزه النوعية، من خلال تحديث وتطوير الوكالة الوطنية، وتلفزيون لبنان، واذاعة لبنان، ومديرية الدراسات، فتتحول إلى مؤسسات تبيع خدماتها، وتحقق الربح، بما يتيح لها استيعاب أعداد من خريجي كليات الإعلام وتوفير فرص عمل جديدة. إن أزمة الصحافة وواقع الصحافيين هو العنوان المشترك بين اهل القطاع في أنحاء العالم، وأن العقل الانساني الذي أوجد وسائل الإعلام بدءا من الصحافة الورقية، وطورها وحدثها، واوجد الذكاء الاصطناعي، لن يكون عاجزا عن ابتكار حلول لتجاوز هذين الازمة والواقع، واستنقاذ المهنة، وابتكار فضاءات جديدة لها”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.