فلسطين مغيّبة.. او مشوّهة في مناهج العرب

7
صفحة على الانترنت تشير الى كتاب ضمن المنهج التعليمي الأردني يستبدل كلمة فلسطين بإسرائيل

شفقنا- بيروت-
قد تعتقد أن الأمر عاديّ، لدى رؤيتك للخريطة الفلسطينية في صفحةٍ من كتاب الجغرافيا في دولة عربية ما، إلّا أنك ما إن تتفحّص الخريطة جيداً، فإنك سترى عبارة «دولة إسرائيل» وقد كُتبت في أسفلها.
وعلى سبيل المثال، كتابُ السنة الأولى من المرحلة المتوسطة في الجزائر، أثار ضجّةً عارمة، استتبعها غضبُ شعبيّ، أفضى إلى اعتذار وزارة التعليم بعد سلسلة من التحقيقات، إضافةً إلى قرارٍ يقضي بسحب الكتاب.
هذا الأمر لم يقتصر على الجزائر وحدها، إذ أن الأردن سبق أن وصف في بعض مناهجه التعليمية، الفلسطيني بانه «إرهابي».
وعلّق وكيل وزارة التّربيّة والتّعليم العالي في فلسطين بصري صالح على هذه الظواهر المسيئة لقضية العرب الاولى، قائلا ان «نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال لا يستحق ذلك»، مديناً هذا الاستخدام «الذي يتعارض مع الثّوابت الدينيّة والوطنيّة للمجتمعين الفلسطيني والعربي».
وفي حديث لـ «السفير»، قال صالح: «تواصلنا مع نظرائنا في الأردن، والإمارات، والبحرين، وطلبنا منهم سحب كتب تُسيء للفلسطيني وقضيته العادلة، تُستخدم في المدارس الخاصة، لكننا لم نتلقَّ رداً إلّا من الأردن الذي باشر في فتح تحقيقٍ حول اعتماد تلك الكتب».
وأضاف «نحن نتابع هذا الموضوع عبر سفراء فلسطين في الخارج، ومن خلال العلاقات التي تربط الوزير بنظرائه، وعن طريق جامعة الدول العربيّة التي بدورها ترفض هذه الكتب، وتُقر بأنّ القضيّة الفلسطينيّة هي الملف الأهم للعرب، ويجب دعمها في المناهج وتربية أبنائنا عليها».
ودعا بقية الدول العربيّة إلى الاستجابة لطلب الوزارة بسحب هذه الكتب من المدارس وعدم اعتمادها، مجدّداً ثِقته الكبيرة بوزارات التّربيّة كافة في الدول العربيّة، التي ترفض هذه الاستخدامات المسيئة للقضية الفلسطينية.
وتتمثّل الإساءة لفلسطين باستخدام كلمة «إسرائيل» على خريطة فلسطين كما حدث في الجزائر، وتعريف القدس على أساس أنّها عاصمة الكيان وأكبر مدنه، أو الإقرار بالحق الإسرائيلي في الأرض التي احتلها في العام 1948، ووصف الفلسطيني بالإرهابي.
ولم يقتصر ذلك على مقررات اعتمدتها وزارات وهيئات التّعليم في الأردن، والإمارات، والبحرين، والجزائر، ومصر، وتونس، والسّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، بل شمل أيضاً المدارس والمعاهد الخاصة فيها، والتي اعتمدت كتباً لبعض المؤلفين الأجانب الذين ينحازون الى «إسرائيل» على حساب عدالة القضيّة الفلسطينيّة.
بدوره، قال رئيس مركز المناهج في وزارة التّربية والتّعليم الفلسطيني ثروت زيد لـ «السفير»: «اطّلعنا على مناهج الدول العربيّة، ووجدنا أنّ كلّ دولة تُحاول أن تتحدث عن خصوصيتها وهمومها، من دون الانفتاح على القضيّة الفلسطينيّة»، مبرراً ذلك بأنّ لكلِّ دولة مشاكلها وقضاياها التي تُعالجها.
وحول تطرّق المناهج العربيّة للقضيّة الفلسطينيّة، أشار إلى وجود تفاوت، حسب مدى الاحتكاك مع الفلسطينيين، والظروف السياسيّة والاجتماعيّة في تلك الدول، لافتاً الانتباه إلى أن بعض الدول غيّبت الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من مناهجها.
وحول اعتماد هذه الكتب كمنهج في المدارس، قال إننا «أُبلغنا من نظرائنا أنّ عدداً من المدارس الخاصة في الدول آنفة الذكر، اعتمدت كتباً من دون الرجوع للوزارة وأنّ الجهات المعنيّة ستُحاسِب من فعل ذلك».
ورأى زيد أنّ «هنالك منطلقات اجتماعية يجب مراعاتها في تأليف المناهج في الدول العربيّة لتعزيز العلاقة بين العرب، وتدعيم القضيّة الفلسطينيّة وتوعيّة الجيل الناشئ على أهميتها، وإيجاد رقابة على المناهج في التعليم الخاص»، داعياً الدول العربية إلى تربية جيلها الجديد على أنّ فلسطين قضيّة كل عربي وهي توحّد الجميع، وأنّ الصراع الدائر هو من أجل الأرض والبقاء الفلسطيني.
وأشاد زيد بالجهود التي بذلتها الجهات المختصة في بعض الدول بهذا الخصوص، مؤيّداً الإجراءات الرادعة بحق كلّ من يعتدي على ثوابت الفلسطينيين وقيمهم.
وأوضح أنّ الأردن فتحت تحقيقاً لمعرفة كيفيّة اعتماد الكتاب، في حين رفضت البحرين تعليمه للطلاب، مثمّناً سحب الجزائر النسخ المطبوعة من مناهجها وإجراء تعديل عليها، مضيفاً «هناك مدارس في دول أخرى رفعت قضايا على مؤلفي هذه الكتب».
تطوير المناهج الفلسطينية
إلى ذلك، أكّد زيد أنّ التّغيير في المناهج الفلسطينيّة أتى بحالةٍ منفردةٍ، ولا علاقة له بتطوير المناهج في الوطن العربي، موضحاً أنّ المناهج الفلسطينية أجري عليها تعديل هذا العام شمل انفتاحاً وتداخلاً أكبر مع الوطن العربي في مختلف المجالات، لافتاً الانتباه إلى اتخاذهم شعاراً بأنّ المنهج فلسطيني المنطلق، عربي العمق، عالمي الطموح والآمال.
وكشف عن وجود لجنة تُسمى «الإصلاح الوطنيّة» وقد أشرفت على المناهج الجديدة وفق رؤية محددة بكلمات مُتفق عليها وهي «القيم وتوظيف التّكنولوجيا والتّحرر الوطني، والأصالة العربيّة».
كذلك، فقد أعلن زيد عن محاولاتهم لإيجاد كتاب مفتوح بين الدول العربيّة لتبادل الثقافة بين الطلاب، وتوحيد المناهج والسعي وراء تبادل الخبرات والثقافات بين المدرّسين.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.