خاص- بعد التطورات المتسارعة على الجبهة اللبنانية هل لا زلنا تحت سقف الحرب الشاملة؟

405
الصحافي والكاتب السياسي محمد حميّة

خاص شفقنا- بيروت-
تطوّرات متسارعة على جبهة الإسناد اللبنانية تركّزت منذ أيام بين منطقة البقاع اللبنانية ومنطقة الجولان السوري المحتلّ، يدرك الخبراء حساسية الوضع الذي من شأنه أن يؤدّي أي خطأ في الحسابات إلى توسّع الحرب على لبنان وبالتالي إشعالها إقليميا.

لم يتوانَ الطيران الحربي الإسرائيلي باستهداف مخازن أسلحة تابعة لحزب الله في بعض البلدات البقاعية، ممّا أوقع عدد من الشهداء والجرحى المدنيين، سرعان ما ردّ حزب الله باستهداف قواعد عسكرية وتجمّعات لجنود الكيان في الجولان المحتل موقعا خسائر عسكرية فادحة، وأمام هذا التصعيد الحاصل ميدانيا أين أصبح توازن الردع بين المقاومة الإسلامية والكيان “الإسرائيلي”؟

الصحافي والكاتب السياسي محمد حمية وفي حديث لوكالة “شفقنا”، اعتبر أنّ المقاومة وضعت معادلة ردع لكل عدوان إسرائيلي، وإحدى هذه المعادلات هي عند استهداف الجيش الإسرائيلي عمق لبنان في البقاع ترد على منطقة الجولان، لذا عندما تم استهداف مناطق البقاع قصف حزب الله قاعدة عسكرية جديدة في الجولان، ومن المعروف أنّ منطقة الجولان تمثّل عمق استراتيجي لهذا الكيان، وهي منطقة هامّة بسبب اطلالتها على لبنان وسوريا، كما أنّ المقاومة في حالة دفاع أوّلا عن معادلات الردع التي وضعتها وثانيا عن قرى البقاع والجنوب.

وتابع حمية: “معادلات الردع التي تمثّلها المقاومة دائما نشاهدها في الرد، ولم تستطع “إسرائيل” رغم العدوان على الجنوب والبقاع كسر هذه المعادلات ولا موازين القوى، والدليل على ذلك أنّ كل التصعيد الإسرائيلي لم يثن حزب الله ويدفعه إلى وقف عملياته العسكرية في الشمال، ولم ينجح العدو بإعادة الأمن إلى الحدود إضافة إلى إعادة 250,000 مستوطن إلى الشمال، وهذا دليل على أنّ “إسرائيل” لم تستطع كسر معادلات الردع التي فرضتها المقاومة، وأنّ حزب الله لا يزال حتى الآن يعمل ضمن قواعد اشتباك لم يتجاوزها وهي جبهة إسناد لقطاع غزة والدفاع عن لبنان”.

الكيان يحاول الخروج من مأزقه بالحرب الشاملة

وأشار حمية إلى أنّ كيان الاحتلال دائما لديه مخطّطات بتوسيع الحرب، خاصة وأنّ نتنياهو اليوم في مأزق استراتيجي وضاغط، كافّة الخيارات أمامه ولا يستطيع التأقلم مع حرب الاستنزاف التي فرضها محور المقاومة من جنوب لبنان وقلب فلسطين والعراق واليمن، وبالأصل استراتيجية محور المقاومة ليست الحرب الشاملة مع “إسرائيل”، بل استنزاف هذا الكيان بجيشه وقدراته العسكرية ومعنوياته وروحه القتالية، وجبهته الداخلية ومستواه السياسي والرأي العام الإسرائيلي والعالمي، بمعنى ضرب الكيان الإسرائيلي مع الوقت، وهذا ما قاله السيد حسن نصر الله منذ الخطاب الأوّل بعد طوفان الاقصى.

وأضاف حمية: “الاحتلال يحاول دائما كسر قواعد الاشتباك، ولنتنياهو مصلحة في استدراج محور المقاومة إلى الحرب الشاملة من أجل استدراج الأميركيين إليها أيضا، وباعتقاده أنّ هذا يخرجه من مأزقه، ولكن محور المقاومة يدير الحرب بذكاء وحكمة وليس بانفعال وعصبية، بالتالي يحاول الرد على “إسرائيل” برد مدروس وموزون، يحقّق به قدرة الردع ولا يمنح ذريعة لنتنياهو لشن حرب واسعة على لبنان”.

أين أصبح رد المقاومة على اغتيال القائد فؤاد شكر؟

وفيما يتعلّق بتريّث المقاومة في لبنان في الرد على اغتيال القائد العسكري السيد فؤاد شكر، رأى حمية أنّ هذا الأمر مرتبط باختيار الهدف ليكون هدف مهم واستراتيجي لإسرائيل وليس لمجرّد الرد، قائلا: “الأمر أوّلا يتعلّق باختيار الهدف وقدرة الاستقصاء وتحقيق هذا الهدف، ثانيا مرتبط بمسار المفاوضات في الدوحة، فالهدف الأساسي لمحور المقاومة هو وقف العدوان على قطاع غزة، لذا ربما يمنح فرصة لهذه المفاوضات ويلقي الحجّة على الطرف الآخر، ولكي لا يخرج الاميركي والإسرائيلي ويحمّل المقاومة مسؤولية إجهاض المفاوضات، وبالتالي الذهاب إلى حرب شاملة في المنطقة”.

وهكذا يتريّث محور المقاومة لإعطاء مجال للمفاوضات، كما أنّه يترك تقدير الموقف لقيادة القسام وحركة حماس في غزة، بحسب حمية، ولكن من الواضح أنّ هذه المفاوضات لن تصل إلى أي مكان، كما أنّ زيارة وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن لم تؤدِّ إلى نتيجة، بسبب تبنّيه المقترح الاميركي المعدّل الذي يلبّي شروط نتنياهو والشروط الاسرائيلية، وحمّل أمس بلينكن المسؤولية لحركة حماس، كما اتهم بايدن الحركة بالانقلاب على المبادرة، علما أنّ المقترح الأميركي كان يأخذ بعين الاعتبار الشروط الفلسطينية من الانسحاب الكامل من غزة، وهو اتفاق 2 تموز، الذي كرّس في مجلس الأمن الدولي، قائلا: “أعتقد أنّ المفاوضات لن تؤدّي إلى أي نتيجة حتى الآن، وربما خيار الرد يقترب ويبقى على الطاولة كسلاح مسلّط على رقبة الاسرائيليين”.

وفي الختام لفت حمية إلى أنّ التصعيد الاسرائيلي يحاول ردع محور المقاومة والقول أنّ أي رد مقبل سيلقى ردّا كبيرا من “إسرائيل”، وأنّ “إسرائيل” جاهزة ومستعدة للحرب، ولكن من الواضح أنّ ما يحصل في كيان الاحتلال من تصعيد عسكري وحالة خوف واستنفار دبلوماسي هو من أجل أن لا يرد محور المقاومة أو أن يكون الرد مخفضا.

وفاء حريري – شفقنا

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.