خاص شفقنا-بيروت-
لم تكتفِ “إسرائيل” بعد من شلال الدم المسفوك في غزّة، بل فتحت شهيتها في الآونة الأخيرة على المزيد من المجازر التي تتصاعد وتيرتها على الساحة اللبنانية، وآخرها هذا الأسبوع العمل الإرهابي والمجزرة الضخمة يومي الثلاثاء والأربعاء بتفجير أجهزة البايجر والأجهزة اللاسلكية التي لا تستخدم فقط من قبل رجال المقاومة لأنها أجهزة معدة للاستخدام المدني، إضافة إلى استهداف القائد الكبير في حزب الله الحاج إبراهيم عقيل “الحاج عبد القادر” وثلة من رفاقه الشهداء، باستهدافهم داخل مبنى سكني، عن سابق تصورٍ وتصميم وتعمدٍ للقتل، دون إكتراثٍ ومراعاةٍ للمدنيين القاطنين في المبنى ومحيطه.
مجزرة البايجر
وفي هذا السياق قال العميد منير شحادة في حديثٍ خاص لوكالة “شفقنا” إنّ “ما حصل يومي الثلاثاء والأربعاء، والذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الجرحى وصل إلى 3200 جريح وعدد كبير من الشهداء، هو عمل إرهابي موصوف، لا يمكن توصيفه أنه حرب ما بين المقاومة و”إسرائيل”، كما لا يمكن وضعه في خانة العمل الأمني، لأنه عمل إرهابي بكل ما للكلمة من معنى، ليس تجاه لبنان ومقاومته فقط، وإنما عمل إرهابي بحق التكنولوجيا في العالم أيضًا، وكل شركات التكنولوجيا في العالم ستعيد حساباتها”، مشيرًا إلى أنّ” التكنولوجيا هي بخدمة الإنسان، ولكن الكيان الإسرائيلي المغتصب للأرض، استعملها للإجرام، وما قام به من عمل إجرامي باستخدام هذه التكنولوجيا جعل العالم بكامله في حالة قلق حول خطورة استخدام وسائل الاتصال وأصبح لديه خشية من استعمال وسائل الاتصال”.
وتابع العميد شحادة: “الجميع كان يعلم أنه هناك خرق أمني لأجهزة الاتصال من ناحية سرقة الداتا أو التنصت ولكن لم يكن أحد يتوقع أن وسائل الاتصال سوف تصبح أداة لجريمة قتل، و”إسرائيل” بالنسبة لدول العالم هي “دولة”، أي إذا كان هناك دولة في العالم استخدمت وسائل الاتصال والتكنولوجيا للإجرام، فماذا سيحدث عندما تلجأ عصابات المافيا وعصابات الإرهاب لاستعمال هذه الوسيلة لارتكاب جرائم”، مؤكّدًا أنّ “هذا العمل الإرهابي لم يصب المقاومة بضرر فقط، وإنما أصاب صناعة التكنولوجيا في العالم بمقتل، ولذلك رأينا كل شركات الاتصال في العالم، وكل شركات التكنولوجيا في العالم، تحقق في كيفية حصول هذا الخرق الأمني، وكيفية تمكن “إسرائيل” من زرع متفجرات في أجهزة الاتصال مهما كان نوعها، لترتكب هذه الجريمة الكبيرة التي كانت تتوقع “إسرائيل” أن تسقط خمسة آلاف قتيل وجريح بظرف ثوانٍ”.
اغتيال القائد الحاج عبد القادر
يوم الجمعة نفذت “إسرائيل” عملية اغتيال للقائد الجهادي الكبير في حزب الله الحاج إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر)، والذي هو من القيادات رفيعة المستوى في حزب الله وقوة الرضوان النخبوية، من خلال غارةٍ بعددٍ من الصواريخ استهدفت عقيل رفقة عدد من القادة المجاهدين، نتج عنه عشرات الشهداء ومئات الجرحى وأعمال البحث مستمرة عن مفقودين. وفي هذا السياق رأى شحادة أنّ “قصف المباني السكنية لاستهداف قادة المقاومة تجعلنا أمام عمل أجرامي إرهابي موصوف، لذلك كان من الطبيعي جدًا أن تقوم المقاومة بالرد”.
ولفت شحادة إلى أنّ “الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة اعتبر مجزرة البايجرات ضربة مؤلمة وكبيرة وليست بالسهلة ولكن لن توقعنا، وهذه المجزرة لو حصلت مع أي جيش في العالم بظرف أربع ثوانٍ، آلاف الجرحى والضحايا يخرجون من أرض المعركة، فإن هذه الجيوش ستنكسر وستعلن استسلامها، ولكن المقاومة لم يحصل معها هذا الأمر، وهنا نرى قوة المقاومة التي استطاعات بعد ساعات معدودة من هذه الحادثة المؤلمة والإرهابية التي قامت بها “إسرائيل” أنّ تستعيد زمام المبادرة، وقامت بترميم نفسها، ثم استعادت جبهة الجنوب عملها، واستأنفت عمليات استنزاف وإشغال الجيش “الإسرائيلي””، مشيرًا إلى أنّ “هناك رسائل تهديد وصلت إلى لبنان بواسطة الدبلوماسيين الغربيين عندما قامت “إسرائيل” بهذا العمل الإرهابي كان مفادها أنّ على المقاومة في لبنان أنّ تفصل جبهة الجنوب عن جبهة غزّة، وما قامت به المقاومة في الأيام القليلة الماضية من قصفٍ واستهدافٍ واستنزافٍ للعدو هو رسالة لإسرائيل مفادها أيضًا أنّه إذا تمكنتم من توجيه هذه الضربة القاسية للمقاومة ، واستطعتم إخراج أكثر من ألفي مقاتل من أرض المعركة، هذا لا يعني أنكم تستطيعون أو ستستطيعون أن تدمروا البنية العسكرية للمقاومة، إنّ كان من ناحية العديد أو العتاد، أما الرسالة الثانية فهي أن فصل جبهة لبنان عن جبهة غزّة ،هذا لن يتحقق مهما كلف ذلك المقاومة من تضحيات”.
وأردف شحادة أنّه “عندما قالت “إسرائيل” أنّ الكابينت وقّع منذ أيام معدودة على قرار بتوسعة الحرب في الجبهة الشمالية وذلك بهدف إبعاد المقاومة إلى نهر الليطاني، وإعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم، فإنّ المقاومة ردت بهذا القصف لتقول لإسرائيل أنّ لا عودة لسكان المستوطنات إلى الشمال، والسيد نصر الله استعمل عبارة “أتحداكم” أنت يا نتانياهو وحكومتك وجيشك إذا كنتم تستطيعون إعادة سكان المستوطنات إلى الشمال”، وأضاف: “ما قامت به المقاومة بهذا الرد، اعتبارًا من بعد منتصف الليل وصباح اليوم، كان ردًا على كل الإجرام الذي قامت به “إسرائيل”، إن من ناحية القصف المكثف من قبل الطيران الإسرائيلي بأضخم القنابل لعدة مناطق في لبنان، فجاء الرد الساعة الواحدة بعد منتصف ليل البارحة، واستهدفت المقاومة قاعدة رماد دافيد، هذه القاعدة التي كان بداخلها وزير الحرب الإسرائيلي الأربعاء الفائت، ومن داخل هذه القاعدة صرّح أن جبهة الشمال انتقلت إلى مرحلة جديدة، لذلك فإن رد المقاومة كان مقصودًا، واستهداف هذه القاعدة هدفه توجيه رسالة لوزير الحرب الإسرائيلي مفادها أنه فعلًا لقد انتقلت الحرب في جبهة الشمالية إلى مرحلة جديدة، وهي مرحلة حيفا وما بعد حيفا، ومرحلة سوف نأتيكم من حيث تحتسبون ومن حيث لا تحتسبون”.
وقال شحادة إنّ “المقاومة كررت صباح اليوم استهداف هذه القاعدة بصواريخ استعملتها للمرة الأولى في هذه الحرب، ولكن استخدمتها قبل ذلك في حرب تموز 2006، وهذه الصواريخ متوسطة ولا تعتبر صواريخ ثقيلة أو بعيدة المدى، وأطلقت المقاومة اسم “فادي 1 وفادي 2” على هذه الصواريخ، وهي من المرجح أن تكون صاروخ خيبر وصاروخ فجر، ويبلغ مداه 75 كم، ويحمل رؤوس متفجرة زنتها ما بين 100 إلى 200 كلغ من المتفجرات، كما أنّ عمق الجبهة أصبح 50 كم و55 كم أيضًا بعرض 75 كم”، لافتًا إلى أنّ “المقاومة بهذا الرد الأولي استهدفت منطقتين استراتيجيتين جدًا مهمتين لإسرائيل، القاعدة الجوية رامات ديفد، التي تعتبر أهم قاعدة جوية في جبهة الشمال والتي منها تنطلق الطائرات الحربية لقصف لبنان، ومعمل رافيال للإلكترونيات، وهذه رسالة مهمة لإسرائيل، أنكم استخدمتم التكنولوجيا لارتكاب جريمة، فهذا مصنعكم للتكنولوجيا نحن نقصفه”.
وتابع: “حتى الآن لازالت المقاومة لا تستهدف المدنيين، وتتجنب استهداف المدنيين، أولاً لأنها تتمتع بأخلاق ولديها عقيدة دينية تحرم استهداف المدنيين، ثانياً لأنها لا تريد أن تتسبب باستهداف المدنيين في لبنان، ولتقول لإسرائيل إذا استهدفتم مدنيين في لبنان فسوف نستهدف نحن مدنيين لديكم”، مؤكّدًا أنّ “هذه الضربة جعلت “إسرائيل”تعيد حساباتها بشكل كبير، لأن المقاومة لم تستعمل بعد ترسانات الصواريخ الكاسرة للتوازن التي لديها، والتي أظهرت جزءًا منها في شريط فيديو عماد أربعة، الذي نشرته عن قصد لتقول لإسرائيل أن ترسانتها لا تستطيع أن تصل إليها مهما قصفت ومهما استمرت بالقصف الجوي، ومهما استعملت قنابل ضخمة، فإنها لن تصل إلى هذه الأنفاق، لأنها أنفاق عميقة ومحصنة”، موضحًا أنّه “بصواريخ متوسطة، استطاعت المقاومة أنّ تصل إلى ما بعد حيفا، هذه رسالة مهمة لإسرائيل، مفادها أننا إذا إجبرنا على استعمال ترسانة الصواريخ الكاسرة للتوازن، وبعيدة المدى والمدمرة، فسوف ترون دمارًا هائلًا، هذه الرسائل الردعية باتجاه “إسرائيل” جعلت المعركة الآن على عمق أوسع، بدأت المعركة في حرب لبنان بعمق 12 كم، ثم انتقلت إلى عمق 35 كم حيفا غربًا وطبريا شرقًا، أما الآن فقد أصبحنا على عمق 55 كم بعرض 75 كم، وهذا يعني أن هدف “إسرائيل” الاستراتيجي، الذي على أساسه قررت توسيع الحرب في جنوب لبنان، وهو فصل جبهة الجنوب عن جبهة غزّة، لم ولن يتحقق مهما كلف من التضحيات”.
وأضاف شحادة: “الهدف الاستراتيجي الثاني الذي وضعته “إسرائيل” هو إعادة السكان إلى المستعمرات الشمالية وإذ بالمقاومة تستهدف عمق أكبر، وهذا يعني أن هناك 130 ألف نازح من المستعمرات الشمالية سوف يصبحون مئات الآلاف، أي أنّ “إسرائيل” صحيحٌ أنها ربحت في النقاط، وصحيحٌ أنّها وجهت ضربة بالتكتيك ربحت فيها ضربة مهمة، ولكن في الاستراتيجية كانت نتيجاتها صفر، وما دون الصفر”.
واعتبر شحادة أنّ “الكرة الآن في ملعب “إسرائيل”، فإذا أرادت أن تتوسع أكثر فإنّ المقاومة جاهزة”، مشيرًا إلى أنّ “”إسرائيل” تسعى للحرب ولكن تخشاها، بينما المقاومة لا تسعى للحرب ولكنها لا تخشاها”.
مهدي سعادي – شفقنا