شفقنا- بيروت-
عائدون
(( عن اللبنانيين العائدين لِقُراهم وبيوتِهم ِوأحلامِهمْ التي دمَّرتْها وحوشُ الحَرْب))
——
لمْ يَعُدْ في القُرى حَجَرٌ أو بَشَرْ
غادر الماءُ واحْترقتْ أُغنياتُ الشَّجرْ
اَلصواريخُ ليستْ كما الخَيْل
والجندُ لَيْسو كَفُرسانِها
ربّما أَطلقتْ حِمَمَ الموتِ (فاتنةٌ !) مِن وراء الحدودِ القَصِيَّةْ
لِتخنقَ حُلمَ صَبِيّةْ
أو ربّما كان يَلهو الجُناةُ بِرَمْي البَراكين
.. ماتتْ مُرُوءتُهُمْ
وتَهاوى على عَطَشِ النَّبْعِ ثَغْرُ القمرْ
عائدونَ لِذاكرةِ الحَقْلِ
حيثُ الصَّباحُ يُعَمِّدُهُ عَبَقُ البُرْتُقال
وحيثُ العصافيرُ تُوقظُ ماءَ المُروجِ
مَناقيرُها مِن رَحيقٍ
وأَسرابُها كرْنُڤالْ
عائدونَ لِصوتِ المؤذِّنِ
يُوغلُ في الرُّوحِ
يَنثرُ فيها بَيادرَ مِن قُبَلِ الفجر
حيثُ الصَّلاةُ هناكَ عُروجٌ إلى جهةِ الشَّوقِ
والماءُ مِن كَوْثَرٍ لا يَغور
الثَّواني تَدورُ تَدورْ
دَقّاتُها فرحٌ غامر ٌ
ومَداها نُذورْ
عائدون
بِرغمِ اتِّساعِ خُطا الموتِ
رغمِ انْهيارِ سَماءِ الطّفولةِ في بِرْكَةٍ آسِنَةْ
اَلقُرى لمْ تَعُدْ آمِنَةْ
فما بينَ موتٍ وموتٍ
طيوفٌ مُمَزَّقَةْ
وهواجسُ تَرنو إلى اللحظةِ الرّاهِنَةْ
هُمْ قادمون
خُطاهُمْ خيولٌ مِن الرِّيحِ
تَعْدو
فَيَعدو الزّمان
لِيُشرقَ ثانيةً
قمرُ العُنْفوان
هُمْ أقاموا على جُزُرِ الموتِ أعراسَهُمْ
شهداءٌ يَقومونَ مابَيْنَهُمْ
يَلبسونَ نَياشِينهُمْ
ويَمُرُّونَ كالضَّوءِ
يَسقطُ وجهُ الفَجيعةِ
يَمضي الغُبارْ
يُلَمْلِمُ أشلاءَهُ النَّبْعُ
تَخْرجُ زنبقةٌ بينَ دمعٍ ونارْ
فيَعدو وراءَ سماءِ الطّفولةِ وَرْدُ الصِّغارْ
الصِّغارُ الصِّغار
غداً يكبرُ العَزْمُ فيهمْ كما الحُلمِ
مُحْتفلينَ بِلَوْنِ الحقيقةِ
شكلِ الحقيقةِ
طَعْمِ الحقيقةِ
وَجْهِ النَّهارْ
—-
بقلم الشاعر الشيخ عبدالله الخاقاني
كندا / كانون الثاني 2025