شفقنا- بيروت-
ورد في كتاب “الملحمة: مذكرات عبد السلام أحمد جلود” الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات صفحة 223، تحت عنوان: (لغز اختفاء موسى الصدر) ما يلي:
“خلال احتفالات الفاتح من سبتمبر كل عام، يحضر العديد من الوفود الرسمية والحزبية والشخصيات المرموقة. في كل عام، وقبيل بدء الاحتفالات بأسابيع، يجتمع معمّر بمدير المراسم وكذلك بمسؤول العلاقات مع الأحزاب والمنظمات في العالم أحمد الشحادتي، ويبلغ إليهما أسماء الشخصيات التي يرغب في حضورها. في احتفالات الفاتح من سبتمبر 1978، كان الإمام موسى الصدر من بين الشخصيات التي دعاها القذافي. وفي الواقع لم أكن أعرف أن القذافي دعا الصدر لزيارة ليبيا، إلا بعد أن أعلنت وكالات الأنباء اختفاءه.
ما إن سمعت بالنبأ، حتى اتصلت هاتفيًّا بأحمد رمضان مدير مكتب القذافي وطلبت منه أن يوصلني هاتفيًّا بالأخ معمّر لأتحدث معه، وكنت في حالة غضب شديد. قلت له: “ما هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها؟ هل من المعقول أن تدعو شخصًا وهو في ضيافتك وفي بيتك، باعتبار ليبيا هي بيتنا الكبير، ثم ترتكب هذه الجريمة؟ هذا ليس من الشهامة والمروءة والرجولة. إنه عمل خسيس وغير أخلاقي ومدمر”، فقال لي بغضب: “أنت تتهمني بقتل موسى الصدر؟ برّا دوّر عليه (اذهب وابحث عنه) أنا لا أعرف عنه أي شيء”، ثم أغلق سماعة الهاتف في وجهي. وهذه الواقعة ذكرها أحمد رمضان عند التحقيق معه بعد سقوط النظام.
ثم اتصلت بمدير الأمن الداخلي العقيد، محمد الغزالي، وقال لي: “أنا لا علم لدي بهذه القصة. ما أعلمه هو ما تقوله وكالات الأنباء”، ثم اتصلت بأحمد خطاب، وهو مسؤول الأمن في صالة كبار الزوار في المطار، وقلت له غاضبًا: “عليكم أن تخرجوا لي الإمام موسى الصدر من تحت الأرض وإلا فسوف أعدمكم جميعًا”، وهذا ما قاله خطاب في صفحته في “فيسبوك”. وبعد ذلك، علمت أن القذافي طلب من أجهزة الأمن أن يختاروا له شخصًا بحجم وطول الإمام الصدر، ليتقمص شخصيته ويلبس ملابسه ليغادر إلى روما. وبالفعل رشحوا له أحد الضباط وهو برتبة عقيد في الأمن الداخلي اسمه إمحمد علي المبروك الرحيبي. وفي هذا السياق، أذكر أنّ الأخ معمّر، خلال لقاءاتي معه، كان يقول لي دائمًا إنه يرفض ويعارض بشدة أن تتولى شخصية شيعية إيرانية زعامة الشيعة العرب في لبنان أو العراق، وكان يقول: “الإمام الصدر هذا إيراني ومدسوس في الطائفة الشيعية، وقيادة الشيعة في العالم العربي يجب أن تكون قيادة عربية”.
ومن الجدير بالذكر : يعدُّ ما ذكره أحد المتهمين البارزين في قضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه في ليبيا عبد السلام جلود اعترافاً صريحا وتأكيداً على مسؤولية معمّر القذافي المباشرة في قضية الإخفاء وفق إدلاء أحد أهم أركان نظامه.