خاص شفقنا- بيروت-
شهد جنوب لبنان أمس ليلة ساخنة حيث خرق الاحتلال الاسرائيلي اتفاق وقف اطلاق النار بسلسلة غارات وصفت بالأعنف منذ تطبيق الاتفاق، بحيث نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 20 غارة على قرى وجبال وأودية يقع بعضها شمالي نهر الليطاني، وسط إمعان الكيان في اعتداءاته المتكررة من قصف واغتيالات واحتلال للأراضي الحدودية، فهل نحن أمام تحول جديد في المشهد الأمني جنوبا؟
الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد أكرم سريوي وفي حديث خاص مع وكالة “شفقنا”، اعتبر أن الذي حصل تجديد للعدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو يثبت بشكل قاطع بأنّ إسرائيل لا تقيم وزنا لأي دبلوماسية ولا لأي قرارات دولية ولا لأي اتفاقات دولية، وهي مستمرة في عدوانها ومستمرة في انتهاك سيادة لبنان، وما حصل يسقط مصداقية الدول التي ترعى هذا الاتفاق، التي لم تفعل أي شيء لردع العدوان، وبالتالي لبنان بات أمام معضلة حقيقية ويتكشف يوما بعد يوم بأنّ الدبلوماسية لم تنفع بشيء ولم تمنع هذا العدوان، ومحاولات نزع سلاح المقاومة وتجريد لبنان من أي سلاح هي ليست إلا تمهيدة لما تريد أن تنفذه إسرائيل في لبنان وهو استباحته بشكل كامل.
وقال العميد سريوي: “عندما كانت المقاومة ترد على الإسرائيلي وعندما كان الإسرائيلي يشعر بأن هناك خطر والمتمثل برد المقاومة كان يرتعب، أما اليوم “إسرائيل” غير مردوعة، والذي يتحدث عن إمكانية ردع إسرائيل بطرق الدبلوماسية فقد رأينا أن هذا الرهان لن ينجح، كما أنّ الرهان على الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها هو رهان خاسر، لأن هذه الدول لا تحرك ساكنا، ونحن نرى اللجنة المكلفة بمراقبة تنفيذ الاتفاق لم تقم بأي عمل مفيد لوقف هذا العدوان”.
هل سنرى استيطان في جنوب لبنان؟
وحول الحديث عن إمكانية إعادة لبنان إلى ما كان عليه عام 1982 وما حصل من اجتياح إسرائيلي للبنان، رأى العميد سريوي بأنّ خطة الاحتلال أبعد من عام 1982، حيث يريد اليوم أن يحوّل جنوب لبنان إلى ضفة غربية أخرى، بمعنى أن يكون مجرّد من السلاح مع وجود قوات طوارئ دولية وقوات جيش يصدر لها الأوامر المداهمة أي مركز للمقاومة في المنطقة، ثم يستطيع الدخول إلى هذه المنطقة والقرى ساعة يشاء، وهو مستمر في احتلال هذه النقاط.
وتابع: “الكيان الآن يقوم بتوسعة مناطق الاحتلال، بالأمس شهدنا غزوًا صهيونيا من قبل المستوطنين للأراضي اللبنانية ولموقع العباد وإقامة احتفالات، وهذا كلّه تمهيد شيئا فشيئا لتطبيق نظرية توسعة إسرائيل ولتطبيق نظرية طرد سكان الجنوب ومنعهم من العودة إلى قراهم وإعادة الإعمار، وأكثر من ذلك شيئا فشيئا قد نرى بناء مستوطنات في جنوب لبنان، هذا ما يريده الطرف الذي يقود إسرائيل اليوم والذي يعتقد أنه يقود حربا توراتية من أجل توسعة إسرائيل وتحقيق إسرائيل الكبرى”.
وأضاف العميد أكرم سريوي: “رأينا أيضا نتنياهو يتباهى في الكنيست بأنه احتل جبل الشيخ، هذه النقطة الاستراتيجية المهمة التي يقع جزء منها في الأراضي السورية وجزء منها في الأراضي اللبنانية، وهو عدوان واعتداء واحتلال لأراضٍ لبنانية وسورية، وإسرائيل تتمسّك بهذا الأمر وتريد من خلاله أن تسيطر عسكريا على منطقة الشرق الأوسط، وأن تنشئ في هذه المنطقة قريبا ليس فقط مراكز عسكرية استراتيجية لإسرائيل، بل أيضا مناطق سياحية واستيطان وإلى ما هنالك، إذا المشروع الرئيسي هو إسرائيل الكبرى التوراتية التي ينفذه اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو”.
ماذا عن دور الدولة؟
وفيما يتعلّق بمسؤولية الدولة اللبنانية، لفت الخبير العسكري إلى أنّه عندما تم انتخاب العماد عون وتشكيل الحكومة كان هناك وعود دولية بأنها تقف إلى جانب لبنان وإعادة بناء الدولة وحماية حقوق لبنان، لذا الدولة تراهن على هذه الوعود العربية والغربية وتعمل من أجل تنفيذها بطرق دبلوماسية، لأن الجيش اللبناني صحيح أنه موجود ولكن غير مجهّز لمواجهة العدو الإسرائيلي ومنع أهدافه، بسبب عدم توافق السلاح بينهما، وقال: “الكل يعلم أن إسرائيل تمتلك تفوقا كبيرا على الجيش اللبناني وعلى كل الجيوش العربية، لذلك الدولة لا تستطيع أن تخوض حربا عسكرية ضد إسرائيل وستعمل فقط بالطرق الدبلوماسية والرهان على الطرق الدبلوماسية، ولكن أعتقد أنّ إسرائيل ستحاول تنفيذ مشروعها طالما لا يوجد قوة تردعها”.
وفاء حريري – شفقنا