هلال الحزن بكائية عاشوراء : قصيدة للشاعر الشيخ عبد الله الخاقاني

2386

شفقنا-بيروت-
لَكَ ياهلالَ محرَّمٍ
لَوْنٌ بكلِّ أسىً شَجِيُّ

إذْ فيكَ ذاكرةُ الطّفوفِ
يُثيرُها حزنٌ خَفِيُّ

عن سيِّدِ الماءِ الذي
أَوْدى به عطشٌ صِلِيُّ

مازالَ في سَمْعِ الدّهورِ
لِصَوْتِ وَثْبتِهِ دَوِيُّ

نورٌ على كلِّ انطفاءاتِ
الدّجى العاتي عَصِيُّ

يَزهو فينكفيئُ الغبارُ
ويُورقَ الزّمنُ السَّنيُّ

فَعَلى الثَّرى خطَّ الخلودَ
دمٌ بثورتِهِ حَفِيُّ

لِلْآنَ يزدادُ ائْتلاقاً
فيضُهُ الزّاكي النّدِيُّ

لِيُعيدَ تشكيلَ الصَّباح
ضُحىً بجبهتِهِ بَهِيُّ

*

هَمْسُ الهلالِ قصيدُهُ
حُزْني .. ومَدْمعيَ الرَّوِيُّ

وجميعُ مافي القَلبِ مِنْ
نَبْضٍ عَروضٌ عبقَريُّ

ياشهرَ كلِّ سوادِ حزنِ
الأرضِ لونُكَ سَرْمَديُّ

سيظلُ يَنمو في لسانِ الدَّهر
منهُ صدىً نَجِيُّ

وعلى جبينِ المَجْدِ إشْراقٌ
بآهَتِهِ وَرِيُّ

لِيَمسَّ مِنْ ذكرى الطّفوفُ
أَسىً يرقُّ لهُ الصَّفيُّ

ويَفيضَ منهُ على الزَّمانِ
دمٌ يجودُ بهِ كَمِيُّ

للآنَ يزادادُ انْتشاراً
عطرُ وردتِهِ الزَّكيُّ

وبِكلِّ عامٍ مِنْ نوافذِهِ
يُطلُّ دمٌ أبيٌّ

فاذا جميعُ الناسِ مَوتى
والشَّهيدُ السِّبْطُ حَيُّ

يَسقي شفاهَ الخُلْدِ ظامئةً
شَذاهُ الأَوْحدِيُّ

ويشعُّ في كلِّ الجهاتِ
سَناؤُهُ الطُّهْرُ النَّقِيُّ

لِيَعودَ فيهِ اللهُ منتصراً
وأحمدُ والوَصيُّ

*

لكنّ لونَكَ ياهلالَ
الحزنِ مِنْهُ بِفِيِّ عِيُّ

فالفخرُ صنوُكَ غَيْرَ أنِّي
راعَني الزَّمنُ الرَّدِيُّ

إذْ كلّما لاحتْ رؤاكَ
يَمُضُّني وَجَعٌ سَخِيُّ

مُستذكراً جيشاً مِن الحَجَرِ
الذي حَشَدَ الدَّعِيُّ

فأرى هناكَ صبيّةً
ذُعِرتْ فهبَّ لها صَبِيُّ

اَلنّارُ في ثوبَيْهما
تَسري وقدْ غابَ الحَمِيُّ

لَمْحٌ مِن الذِّكرى بِمشرَعةِ
القصيدةِ مِنْهُ رِيُّ

في كلِّ ثانيةٍ بها
قصصٌ يَضجُّ بها النَّعِيُّ

حتى إذا انْهارُ الكلامُ
وخانَني الرُّكنُ القويُّ

سافرتُ في حِبْرِ المَدامعِ
حيثُ ساحلُها القَصِيُّ

*
ياشهر حزن الماءِ هل
للماءِ نَشْرُ أسىً وَطَيُّ

لتعودَ عاماً بعد عامٍ
والأسى الدّامي طَوِيُّ

أترى لِشَكلِكَ حينَ يأتي
واجماً شهرٌ سَمِيُّ

أمْ مثلَ يومِكَ راجِعٌ
يومٌ بمحنتِهِ جَلِيٌّ

*
عبدالله الخاقاني
النجف الاشرف

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.