شفقنا- بيروت-
تستعد «مايكروسوفت» لإنهاء دعم «ويندوز 10» في أكتوبر المقبل، ما يعرّض ملايين الأجهزة لمخاطر أمنية ويثير جدلاً حول الاستدامة والتحديث القسري.
في خطوة تُنذر بتغيير كبير لملايين المستخدمين حول العالم، أعلنت شركة «مايكروسوفت» أنها ستنهي رسمياً دعم نظام التشغيل «ويندوز 10» في 14 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، ما يعني توقف التحديثات الأمنية نهائياً، وتعريض الأجهزة القديمة لمخاطر الاختراق والهجمات السيبرانية.
يُعد «ويندوز» أكثر أنظمة التشغيل استخداماً في العالم، إذ يعمل على أكثر من 1.4 مليار جهاز، ويُقدَّر أن نحو 43% من هذه الأجهزة ما تزال تعتمد على «ويندوز 10» حتى منتصف عام 2025، بحسب موقع Statcounter.
وفي بريطانيا وحدها، تشير تقديرات مؤسسة Which إلى أن نحو 21 مليون مستخدم لا يزالون يعتمدون على هذا النظام، رغم التحذيرات من تبعات الاستمرار في استخدامه بعد انتهاء الدعم.
ما الذي يعنيه «إنهاء الدعم»؟
إنهاء الدعم لا يعني أن النظام سيتوقف عن العمل فوراً، ولكنه لن يتلقى أي تحديثات أمنية جديدة. وبذلك، يصبح كل جهاز ما يزال يعمل بـ«ويندوز 10» أكثر عرضة لهجمات القراصنة والبرمجيات الخبيثة، خاصةً مع تزايد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الشركات والمؤسسات الكبرى حول العالم.
ويحذر خبراء الأمن السيبراني من أن الثغرات الجديدة التي قد تُكتشف بعد تاريخ الإيقاف لن تُصلح، ما يفتح الباب أمام موجة من الاختراقات المحتملة.
خيارات المستخدمين: التحديث أو الاستمرار بخطر
تمنح «مايكروسوفت» المستخدمين خيارين أساسيين:
1. الترقية المجانية إلى «ويندوز 11» لمن يملك أجهزة حديثة متوافقة مع متطلبات النظام الجديد.
2. الاشتراك في خدمة التحديثات الأمنية الممتدة (ESU) لمدة عام إضافي حتى أكتوبر 2026، مقابل 30 دولاراً سنوياً، أو عبر برنامج مكافآت Microsoft Rewards باستخدام النقاط.
أما المستخدمون في المنطقة الاقتصادية الأوروبية، فسيحصلون على هذه التحديثات مجاناً بمجرد التسجيل في البرنامج، شرط أن تكون أجهزتهم محدَّثة إلى آخر نسخة من «ويندوز 10» ومتصلة بحساب «مايكروسوفت».
لكن هذا الخيار لا يتضمن أي تحسينات تقنية أو دعم فني، بل يقتصر فقط على سد الثغرات الأمنية الكبرى.
-

منذ إطلاقه عام 2015، حظي «ويندوز 10» بعمر طويل نسبياً
انتقادات بيئية واقتصادية
أثارت هذه الخطوة موجة من الانتقادات من جمعيات المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا، معتبرةً أن «مايكروسوفت» تدفع المستخدمين بشكل غير مباشر إلى شراء أجهزة جديدة رغم أن أجهزتهم القديمة تعمل بشكل جيد.
وقال المدير في مجموعة PIRG لحماية المستهلكين، ناثان بروكتور: «إنهاء دعم «ويندوز 10» يمثل كارثة للمستهلكين والبيئة. الناس سئموا من العيش في عالم تُجبرهم فيه الشركات على التخلص من أجهزتهم رغم إمكانية إصلاحها». وأضاف: «نستحق تقنيات تدوم طويلاً ولا تتحول بسرعة إلى نفايات إلكترونية».
ويخشى خبراء البيئة من أن يؤدي التحديث القسري إلى زيادة النفايات الإلكترونية، خصوصاً أن الكثير من أجهزة الحاسوب القديمة لن تتمكن من تشغيل «ويندوز 11» بسبب متطلباته التقنية الصارمة.
لماذا يعتبر الأمر خطيراً؟
من دون التحديثات الدورية، يفقد النظام دفاعاته الأساسية ضد الفيروسات والبرمجيات الخبيثة، ما يعرّض بيانات المستخدمين الشخصية والمصرفية للخطر.
ويشير خبراء الأمن إلى أن الشركات التي تواصل استخدام «ويندوز 10» بعد انتهاء الدعم قد تواجه مشكلات في الامتثال التنظيمي والمعايير القانونية للأمان الرقمي.
ومع ارتفاع وتيرة الهجمات الإلكترونية خلال الأشهر الماضية، من متاجر التجزئة إلى مصانع السيارات وحتى الحضانات، يُحذّر محللو الأمن من أن إبقاء الأنظمة القديمة قيد الاستخدام يشبه «ترك الباب مفتوحاً أمام اللصوص».
إلى أين تتجه الأمور؟
منذ إطلاقه عام 2015، حظي «ويندوز 10» بعمر طويل نسبياً مقارنة بالإصدارات السابقة، ولكنه اليوم يقترب من نهايته الرسمية.
ورغم دعوات «مايكروسوفت» للانتقال إلى «ويندوز 11»، إلا أن بعض المستخدمين يرفضون ذلك لأسباب تتعلق بالخصوصية أو بمحدودية أجهزتهم.
ويبدو أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة، إذ يجد ملايين المستخدمين حول العالم أنفسهم أمام خيار صعب: هل يواكبون التطور على حساب أجهزتهم القديمة؟ أم يتمسكون بنظام مألوف يحمل معه خطر الأمن السيبراني؟
بين الدعوات إلى التحديث ومخاوف الأمان والبيئة، يمثل قرار «مايكروسوفت» بإنهاء دعم «ويندوز 10» منعطفاً جديداً في علاقة الناس بالتكنولوجيا، يذكّرنا بأن التقدّم أحياناً يأتي بثمنٍ ليس رقمياً فقط، بل بثمن إنساني وبيئي أيضاً.



































