خاص- الذهب لا يعرف التوقف: هل يقترب من مستويات غير مسبوقة؟

528
رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات في لبنان نعيم رزق

خاص شفقنا- بيروت-
عاد الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب في لبنان يتصدر المشهد، إذ بلغت الأونصة حتى الساعة 4,360 دولارًا. وفي هذا السياق، قال رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات في لبنان نعيم رزق لوكالة “شفقنا” إنّ هذا يؤكّد مكانة المعدن الأصفر كـ«الملاذ الآمن» لكل الاقتصادات حول العالم، في ظلّ الأزمات المالية المتتالية والتوترات الجيوسياسية. ولبنان، بدوره، ليس استثناءً، إذ يمتلك نحو 288 طنًا من الذهب، كانت قيمتها في عام 2010 تُقدَّر بنحو 9 مليارات دولار، فيما تجاوزت اليوم 39 مليار دولار، ما يعكس حجم القفزة الهائلة في أسعار المعدن الأصفر خلال السنوات الأخيرة.

كما رأى رزق أنّ موجة الارتفاع الحالية للذهب ما تزال في بدايتها، إذ لم يصل السعر إلى ذروته بعد، خاصةً أن المصارف المركزية حول العالم تواصل عمليات الشراء بوتيرة متصاعدة، وتشير التقارير إلى أن تلك المصارف اشترت خلال العام الماضي ما يقارب ألف طن من الذهب، في ظلّ تزايد الطلب المستمر على المعدن النفيس.

أسباب هذا التصاعد:

عزا النقيب هذا الإقبال المتنامي إلى أسبابٍ عدّة، منها: السياسات التجارية الأمريكية، خصوصًا الرسوم والضرائب الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على عدد من الدول، ما دفع العديد من المصارف المركزية إلى تنويع احتياطاتها عبر زيادة حيازتها من الذهب تحسّبًا لأي اضطرابات مالية.
إضافةً إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وارتفاع المديونية الأمريكية إلى نحو 37 تريليون دولار، إلى جانب الفوائد المرتفعة على هذا الدين، وهي جميعها عوامل تزيد المخاوف من اهتزاز النظام المالي العالمي.

ولا ننسى أيضًا شحّ المناجم، إذ إن أغلبها أصبح شبه فارغ بنسبة تقارب 85%. ففي السابق كانت هناك نحو 9.5 مليارات أونصة في المناجم، تم استخراج نحو 8 مليارات منها. وحتى لو تم اكتشاف مناجم جديدة، فإن الإنتاج سيستغرق سنوات طويلة — بين 5 و12 سنة — حتى يُطرح الذهب المستخرج في الأسواق. ولهذا السبب سيشهد المعدن الأصفر أرقامًا جديدة وعالية في المستقبل.

هل يمكن الحدّ من تداعيات ما يحدث؟

وفي محاولة لاحتواء تداعيات هذه الأزمات، يسعى البنك الفيدرالي الأمريكي إلى خفض معدلات الفائدة لتقليل نسب البطالة وتحفيز النمو. ويرى محللون أنه في حال تمّ خفض الفائدة، فإن المستثمرين سيتجهون إلى بيع الأصول الورقية وشراء الذهب، باعتباره الخيار الأكثر أمانًا في ظلّ انخفاض العائد على الدولار.
وأضاف: “قد يُقدِم الفيدرالي الأمريكي على خفض الفائدة مجددًا قبل نهاية عام 2025، وربما خلال الربع الأول من عام 2026، وهو ما قد يدفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة. فخلال الشهر الماضي، أدى خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى ارتفاع سعر الأونصة بنحو 200 دولار في يوم واحد، ما يثير تساؤلات حول مدى الارتفاع المحتمل في حال تم خفضها بمقدار نصف نقطة أو أكثر”.

ماذا عن السوق اللبناني؟

في ظلّ الارتفاع القياسي في أسعار الذهب عالميًا، بدأ بعض اللبنانيين يتجهون نحو الفضة أيضًا كخيار بديل، خاصةً من لا يملكون القدرة على شراء الذهب. فخلال أسبوعين فقط، ارتفع سعر أونصة الذهب بين 200 و400 دولار، فيما تقتصر زيادة الفضة عادةً على 2 إلى 5 دولارات.

لكن رزق اعتبر أنّ الفضة باتت نادرة في الأسواق اللبنانية تمامًا كالذهب، إذ تراجعت الكميات المتوفرة وارتفعت العمولات بشكل كبير. فعمولة الأونصة الوطنية، مثلًا، ارتفعت من 15 إلى 70 دولارًا، والأونصة السويسرية من 40 إلى نحو 170 دولارًا، بينما وصلت عمولة الليرة الذهبية إلى 15 دولارًا بعد أن كانت لا تتجاوز أربعة دولارات.

ويعود هذا الشحّ إلى ارتفاع الطلب في السوق اللبناني مقابل انخفاض الاستيراد من الخارج، ما يدفع بعض الأسواق إلى التريّث في البيع بانتظار استقرار الأسعار. وسيستمر هذا الاتجاه التصاعدي، إذ تجاوز سعر الأونصة 4,200 دولار بعد أن كان 2,300 دولار في مطلع عام 2024، أي بزيادة تقارب 70% خلال عامٍ ونصف. أما بالنسبة لحاملي العملات الورقية، فرأى نعيم أنّ قيمتها تراجعت بشكل واضح، ما يجعل التحوّل الجزئي إلى الذهب خيارًا أكثر أمانًا، وإن كان ذلك لا يخلو من فترات تصحيح مؤقتة في الأسعار.

وفاء حريري – شفقنا

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.