خاص شفقنا- بيروت-
استيقظ اللبنانيون على خبرٍ عاجلٍ مفاده أنّ قوةً من جيش الاحتلال توغّلت لمسافة 1000 متر داخل بلدة بليدا، وأعدمت الموظف الشهيد إبراهيم سلامة الذي كان يبيت داخل مبنى البلدية قبل انسحابها، وقد طغى هذا العدوان غير المسبوق على المشهد السياسي اللبناني، إذ تبعته موجةُ إداناتٍ واستنكاراتٍ، أبرزها من السلطات الرسمية الثلاث، ما يعكس وحدة الموقف اللبناني والتأكيد على أنّ الاحتلال هو من يخرق اتفاق وقف إطلاق النار.
الكاتب والأكاديمي الدكتور محمد عيسى لفت، في حديثٍ خاصٍّ مع وكالة “شفقنا”، إلى أنّ الاعتداء الذي وقع اليوم في بلدة بليدا، ونتج عنه مقتل الشرطي البلدي — وهو شخصٌ مدنيٌّ يخضع لسلطة وزارة الداخلية ويؤدي أعمالًا خدمية لا طابعَ عسكريًّا لها — يُعدّ جريمةَ حربٍ بموجب المادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، باعتبار أنّ البلدية مؤسسةٌ مدنية تُصنَّف ضمن الأهداف المدنية التي لا يجوز، وفقًا للقوانين الدولية، استهدافها.
بالتالي، فإنّ قتل الشرطي البلدي يُعدّ انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وجريمةَ حربٍ تتمثّل في القتل العمد لشخصٍ محميٍّ.
وأضاف: “كما أنّ الاعتداء على مبنى البلدية، بوصفه مؤسسةً رسميةً غيرَ عسكرية، يشكّل كذلك جريمةَ حربٍ بموجب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، وبموجب المادة الثامنة من نظام روما. هذا الأمر يُحمّل السلطات الإسرائيلية مسؤوليةً قانونيةً عن ارتكاب هذه الأفعال غير المشروعة، ويتوجّب على لبنان أو على المتضررين تقديم شكاوى موثقة إلى الجهات الدولية المختصة، مثل مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية. ورغم أنّ إسرائيل ليست طرفًا في نظام روما، فإنّ المحكمة يمكنها النظر في الأفعال الواقعة على أرض دولةٍ طرف، مثل لبنان، أو بناءً على قرارٍ من مجلس الأمن.”
والجدير بالذكر أنّ هناك سوابق قانونية كثيرة في هذا المجال، منها تقارير لجنة التحقيق الدولية في حرب تموز 2006، التي أكدت أنّ إسرائيل ارتكبت انتهاكاتٍ جسيمةً مشابهةً ضد المدنيين والبنى التحتية اللبنانية. كما أصدرت محكمة العدل الدولية أحكامًا في قضايا مماثلة، على سبيل المثال في قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة عام 1986، حيث أكدت المحكمة أنّ استهداف المدنيين والمرافق المدنية يُعدّ خرقًا لقواعد القانون الدولي، بحسب عيسى.
وتابع: “إذن، فإنّ حادثة قتل الشرطي البلدي في بليدا، والاعتداء على مؤسساتٍ رسميةٍ من قِبَل الجيش الإسرائيلي، تُشكّلان من الناحية القانونية جريمةَ حربٍ وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. ومن الضروري توثيق الحادث رسميًا بالصوت والصورة، وإعداد تقارير مفصّلة تُرفع إلى الجهات الدولية المعنية، مثل لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة ومكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان، وتحريك المسألة قانونيًا على الصعيدين الوطني والدولي.”
وختم الكاتب والأكاديمي بالقول: “في كلّ الأحوال، يُطالَب المجتمع الدولي، كما الدولة اللبنانية، بحماية الشعب اللبناني وأرضه، صونًا لسيادة الدولة، ومنعًا لتدهور الأوضاع حتى لا تنفلت الأمور وتدفع المواطنين إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم. لقد أضحى الواقع يُظهر أنّ المواطن قد يُقتل سواء قاوم أم لم يقاوم، فيصبح خياره الموتَ مقاومًا لا مستسلمًا. أمّا مسألة الدفاع في حال وجود احتلالٍ أو اعتداء، فهي مُشرَّعة بمقتضى الأعرافِ والقوانينِ الدولية والمحلية.”
وفاء حريري – شفقنا


































